[وصدري يفيد تفسيره] أي تفسير ذلك الشّيء (١) ، [ومنه] أي ومن الإيضاح بعد الإبهام (٢) [باب نعم (٣) على أحد القولين] أي قول من يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف (٤) [إذ (٥) لو أريد الاختصار] أي ترك الإطناب (٦)
________________________________________
لأنّا نقول : إنّ جعل المثال المذكور صالحا للنّكات الثّلاثة إنّما هو باعتبار الشّان والقوّة لا بالفعل بمعنى أنّ هذا التّركيب في ذاته من شأنه أن يفيد الأغراض الثّلاثة فهو بحيث لو خوطب به غير الرّبّ أمكن فيه ما ذكر ، ثمّ قول الشّارح : فإنّ (رَبِّ اشْرَحْ) يفيد ... يشعر بأنّ قوله : (لِي) ظرف مستقرّ وقع صفة لمحذوف ، أي اشرح شيئا كائنا ثمّ فسّر الشّيء بالبدل منه بقوله : (صَدْرِي) ، وعلى هذا فجعل الآية من قبيل الإجمال والتّفصيل واضح ، لأنّه طلب أوّلا شرح شيء على وجه الإجمال ، ثمّ بيّنه بعد ذلك ، وفي المقام كلام طويل أضربنا عنه خوفا من التّطويل.
(١) أي الشّيء المبهم فكان فيه إيضاح بعد إبهام.
(٢) أي لم يقل : أي من الإطناب للإيضاح بعد الإبهام مع أنّه الأنسب للسّياق اختصارا.
(٣) أي أفعال المدح والذّمّ ، نحو : نعم الرّجل زيد ، وبئست المرأة حمّالة الحطب.
(٤) وكذلك على قول من يجعل المخصوص مبتدأ محذوف الخبر ، لأنّ الكلام على كلّ من القولين جملتان إحداهما مبهمة ، والأخرى موضّحة ، وإنّما لم يتعرّض الشّارح هذا القول ، لأنّه ضعيف عنده ، وأمّا كلام المصنّف فهو صالح للانطباق عليه أيضا ، إلّا أنّه ضعيف لكونه على خلاف المشهور.
وكيف كان فالمراد بأحد القولين إمّا هذا أو ذاك ، وبالآخر هو قول من يجعل المخصوص مبتدأ مؤخّرا ، والجملة السّابقة خبرا له فعليه ليس باب نعم من الإجمال ثمّ التّفصيل ، لأنّ الكلام يكون حينئذ جملة واحدة ، والمخصوص فيها مقدّم تقديرا.
(٥) علّة لكون باب نعم مشتملا على الإطناب الّذي فيه إيضاح بعد إبهام.
(٦) هذا جواب عمّا يقال : الأولى أن يقول : إذ لو أريد المساواة ، لأنّ نعم زيد مساواة لا أنّه اختصار وإيجاز.
وحاصل الجواب : إنّ مراد المصنّف بالاختصار ترك الإطناب الصّادق على المساواة المرادة هنا بشهادة قوله : نعم زيد ، إذ لا إيجاز فيه ، بل هو مساواة.