وهو أن يراد وهل نعاقب (١) ، إلّا الكفور بناء على أنّ المجازاة هي المكافأة (٢) ، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ فهو (٣) ، من الضّرب الثّاني (٤) ، [وضرب أخرج مخرج المثل] بأن يقصد بالجملة الثّانية حكم كلّي منفصل (٥) عمّا قبله ، جار مجرى الأمثال في الاستقلال وفشوّ (٦) الاستعمال ، [نحو : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(١) (٧).
________________________________________
(١) وهل نعاقب بمطلق العقاب لا بعقاب مخصوص.
(٢) هذا بيان لأصل معنى المجازاة ، وإلّا فالمراد منها في الآية خصوص المكافأة بالعقوبة ، وأنّ أصل معناها وإن كان عامّا.
(٣) أي الوجه الآخر من الضّرب الثّاني ، أي القسم الثّاني من التّذييل لعدم توقّف المراد على ما قبله ، واستقلاله بإفادة المراد ، لأنّ المراد عندئذ بيان حكم كلّي ، وهو عدم معاقبة غير الكفور ، فيصحّ أن يكون مثلا.
(٤) أي الّذي أخرج مخرج المثل لعدم توقّف المراد حينئذ على ما قبله.
(٥) أي بأن تكون الجملة الثّانية غير مقيّدة بالجملة الأولى ، أي لم يكن مضمونها مقيّدا بمضمونها كما في الآية المتقدّمة حيث يكون مضمون الثّانية مقيّدا بمضمون الأولى بناء على إرادة الجزاء الخاص.
(٦) أي شيوع الاستعمال وكثرته ، وقيل إنّ المشترط في جريانه مجرى الأمثال هو الاستقلال ، وأمّا فشوّ الاستعمال فلا دليل على اشتراطه فيه ، فالأولى للشّارح حذفه.
(٧) والشّاهد في الآية أنّ الجملة الثّانية فيها من الضّرب الثّاني من التّذييل حيث إنّ معناها لا يتوقّف على معنى الجملة الأولى مع كونها متضمّنة له ، وهو زهوق الباطل واضمحلاله وذهابه ، وقد فشا استعمالها ، ثمّ المراد بالحقّ هو الإسلام ، والباطل هو الكفر ، فمعنى الآية : (جاءَ الْحَقُّ) ، أي الإسلام ، (وَزَهَقَ الْباطِلُ) أي زال الكفر.
فالحاصل إنّ الجملة الثّانية لا يتوقّف معناها على الجملة الأولى مع تضمّنها معنى الأولى وهو زهوق الباطل ومفهوم النّسبتين مختلف لأن الثّانية اسميّة مع زيادة تأكيد فيها فصدق عليها ضابط الضّرب الثّاني.
__________________
(١) سورة الإسراء : ٨١.