الأمر
[ومنها] أي من أنواع الطّلب [الأمر (١)] وهو طلب فعل غير كفّ (٢) على جهة الاستعلاء (٣) ، وصيغته (٤) تستعمل في معان كثيرة (٥) ، فاختلفوا في حقيقته الموضوعة هي لها (٦) اختلافا كثيرا (٧)
________________________________________
(١) أي هذه المادّة قد تطلق على الفعل ، كما في قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)(١) فيجمع حينئذ على الأمور ، وقد تطلق على نوع خاصّ من الكلام المسوق لغرض البعث ، فيجمع على الأوامر ، وكيف كان فقد عرّفه المصنّف بأنّه طلب الفعل استعلاء.
(٢) احترز بغير الكفّ عن النّهي ، لأنّه كما يأتي طلب الكفّ عن الفعل استعلاء.
(٣) أي على طريق طلب العلوّ ، سواء كان عاليا حقيقة ، أي كان له تفوّق يوجب إطاعته عقلا كالمولى أو شرعا كالنّبيّ والأئمّة أو عرفا مثل السّلطان مثلا ، أو لا يكون عاليا حقيقة ، فيسمّى دعاء ، إذا كان الطّلب من السّافل أو التماسا إذا كان من المساوي ، واحترز بقوله : «على جهة الاستعلاء» عن الدّعاء والالتماس.
(٤) أي صيغة الأمر المعهودة المتداولة كثيرا.
(٥) أي نحو : ستّة وعشرين معنى ذكرها أهل الأصول ، وذكر المصنّف بعضا منها.
(٦) أي الموضوعة صيغة الأمر لتلك الحقيقة ، فضمير «هي» يرجع إلى الصّيغة ، وضمير «لها» يعود إلى الحقيقة.
(٧) حاصله : إنّ الأصوليّين اختلفوا في المعنى الّذي وضع له صيغة الأمر ، فقيل : إنّها وضعت للوجوب فقطّ ، وهو مذهب الجمهور ، وقيل : للنّدب فقطّ ، وقيل : للقدر المشترك بينهما ، وهو مجرّد الطّلب على جهة الاستعلاء ، فهي من قبيل المشترك المعنويّ ، وقيل : هي مشتركة بينهما اشتراكا لفظيّا بأن وضعت لكلّ منهما استقلالا ، وقيل : بالتّوقّف أي عدم الدّراية وهو شامل للتّوقّف في كونها للوجوب فقط ، أو للنّدب فقطّ ، والتّوقّف في كونها للقدر المشترك بينهما اشتراكا لفظيّا ، بمعنى أنّا لا نعيّن شيئا ممّا ذكر ، وقيل : مشتركة بين الوجوب والنّدب والإباحة ، وقيل : موضوعة للقدر المشترك بين الثّلاثة ، أي الإذن في الفعل ، والأكثر على أنّها حقيقة في الوجوب فقطّ.
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٥٩.