ما وضع (١) له [وضعيّة] لأنّ الواضع إنّما وضع اللّفظ لتمام المعنى (٢) [و] يسمّى [كلّ من الأخيرتين] ، أي الدّلالة على الجزء والخارج. [عقليّة (٣)] لأنّ دلالة اللّفظ على كلّ من الجزء والخارج إنّما هي من جهة حكم العقل ، بأنّ حصول الكلّ ، أو الملزوم يستلزم حصول الجزء أو اللّازم (٤) والمنطقيّون يسمّون الثّلاثة وضعيّة ، باعتبار أنّ للوضع مدخلا فيها (٥) ويخصّون العقليّة (٦)
________________________________________
(١) أي على تمام معنى وضع اللّفظ بإزائه ، و «وضعيّة» مفعول ثان لقوله : «تسمّى».
(٢) أي لا لجزئه ، ولا للازمه ، وحينئذ فالسّبب في حصولها عند سماع اللّفظ هو معرفة الوضع فقطّ ، دون حاجة لشيء آخر ، بخلاف الأخيرتين فإنّه انضمّ فيهما للوضع أمران عقليان :
الأوّل : توقّف فهم الكلّ على الجزء.
والثّاني : امتناع انفكاك فهم الملزوم عن اللّازم.
(٣) أي لتوقّف كلّ منهما على أمر عقلي زائد على الوضع ، كما في الشّرح.
(٤) قد يقال : إن كلام الشّارح ناطق بأنّه لا مدخل للوضع في الأخيرتين ، وإنّما هما عقليّتان فقطّ ، وليس الأمر كذلك ، لأنّ كلا منهما متقوّم على قياس مؤلّف من مقدّمتين : إحداهما وضعيّة ، والأخرى عقليّة ، وهذا صورته : كلّما فهم اللّفظ فهم معناه ، وكلّما فهم معناه فهم جزؤه أو لازمه ، ينتج كلّما فهم اللّفظ فهم جزء معناه أو لازمه ، والمقدّمة الأولى وضعيّة ، إذ فهم المعنى من اللّفظ متقوّم على العلم بوضعه لذلك المعنى ، والمقدّمة الثّانية عقليّة ، لأنّ فهم الجزء أو اللّازم متقوّم على انتقال العقل من الكلّ إلى الجزء ، ومن الملزوم إلى اللّازم بواسطة إدراكه أنّ كلّما وجد الكلّ وجد جزؤه ، وكلّما وجد الملزوم وجد لازمه ، فمن نظر إلى المقدّمة الأولى سمّى الأخيرتين وضعيّتين كالمناطقة ، ومن نظر إلى المقدّمة الثّانية جعلهما عقليّتين كالبانيّين.
وأجيب عن ذلك بأنّ الحصر المذكور إضافيّ ، والمراد أنّ دلالته عليهما من جهة العقل ، لا من جهة الوضع وحده ، فلا ينافى أنّه من جهة الوضع والعقل معا.
(٥) أي في الثّلاثة سواء كان دخله قريبا كما في المطابقيّة ، لأنّه بسبب تامّ فيها على الظّاهر ، أو كان بعيدا كما في الأخيرتين ، لأنّه جزء سبب فيهما.
(٦) أي لفظيّة كانت أو غير لفظيّة ، بخلاف البيانيّين ، فإنّ العقليّة عندهم لا تقابل الوضعيّة.