بما يقابل الوضعيّة والطّبيعيّة (١) كدلالة الدّخان على النّار [وتقيّد الأولى] من الدّلالات الثّلاث (٢) [بالمطابقة] لتطابق اللّفظ والمعنى (٣) [والثّانية (٤) بالتّضمّن] لكون الجزء (٥) في ضمن المعنى الموضوع له [والثّالثة (٦) بالالتزام] لكون الخارج لازما للموضوع (٧) له
________________________________________
(١) أي كانتا لفظيّتين أو غير لفظيّتين ، فتكون الدّلالة عندهم ثلاثة أقسام : عقليّة كدلالة الدّخان على النّار ، ووضعيّة كالدّلالات الثّلاث ، وطبيعيّة كدلالة الحمرة على الخجل ، فقوله كدلالة الدّخان على النّار مثال للعقليّة.
(٢) أي وهي الدّلالة على تمام ما وضع له ، أي تقيّد بالمطابقة ، والمراد من تقييدها بها التّقييد بنحو الإضافة ، أي يقال دلالة المطابقة لا التّقييد بنحو التّوصيف ، أي يقال الدّلالة المطابقيّة.
(٣) أي توافقهما ، بمعنى أنّ اللّفظ انحصرت دالّيّته على هذا المعنى ، ولم يزد بالدّلالة على غيره ، كما أنّ المعنى انحصرت مدلوليّته في هذا اللّفظ ، ولا يكون مدلولا لغيره.
(٤) أي تقيد الدّلالة على جزء ما وضع له اللّفظ «بالتّضمّن».
(٥) أي لكون الجزء المفهوم من اللّفظ إنّما هو في المعنى الموضوع له ، وذلك المعنى هو المجموع ، فدلالة التّضمّن عبارة عن فهم الجزء في ضمن الكلّ.
(٦) أي تقيّد دلالة اللّفظ على خارج ما وضع له «بالالتزام».
(٧) قد وقع الخلاف والتّشاجر بينهم في أن دلالة التّضمّن فهم الجزء في ضمن الكلّ ، أو فهمه مطلقا ، وكذلك دلالة الالتزام هل هي فهم اللّازم في ضمن الملزوم ، أو فهمه مطلقا.
فذهب جماعة إلى الأوّل ، وقالوا إنّ التّضمّن فهم الجزء في ضمن الكلّ ، بمعنى أنّ اللّفظ إذا استعمل في معناه المطابقي ينتقل الذّهن منه إلى معناه وجزئه مرّة واحدة ، فليس فيه انتقال من اللّفظ إلى المعنى ، ومنه إلى جزئه ، بل فهم ، وانتقال واحد يسمّى بالقياس إلى تمام المعنى مطابقة ، وبالقياس إلى جزئه تضمّنا ، فيكون اللّفظ مستعملا في الكلّ ، وأمّا إذا استعمل في الجزء مجازا كان فهمه منه مطابقة ، فهذا ليس دلالة تضمنيّة ، بل دلالة مطابقيّة مجازيّة ، لأنّه تمام ما عنى به ، وتمام ما وضع اللّفظ بإزائه بالوضع المجازي النّوعي ، والالتزام فهم اللّازم في ضمن الملزوم ، بمعنى أنّ اللّفظ إذا استعمل في الملزوم يفهم منه الملزوم واللّازم مرّة واحدة ، فهذا الفهم الواحد بالقياس إلى الملزوم مطابقة بالنّسبة إلى اللّازم التزام ، فلو استعمل اللّفظ