وهو أعمّ (١) من الإنذار ، لأنّه (٢) إبلاغ مع التّخويف (٣) ، وفي الصّحاح (٤) الإنذار تخويف مع دعوة [نحو : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ)(١) (٥)] لظهور أن ليس المراد الأمر بكلّ عمل شاؤوا ، [والتّعجيز نحو : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)(٢) (٦)] إذ ليس المراد طلب
________________________________________
الفعل استعلاء ، هو الواجب أو المندوب ، ولا يكون متعلّق التّهديد إلّا الحرام أو المكروه ، ويمكن أن تكون العلاقة بينهما المشابهة حيث إنّ كلّا من الطّلب والتّهديد يترتّب على مخالفتهما استحقاق العقاب في الجملة ، ويمكن أن تكون السّببيّة والمسبّبيّة ، حيث إنّ طلب الفعل استعلاء يوجب التّخويف والتّهديد على تركه ، ثمّ المجاز على الثّاني مجاز بالاستعارة ، وعلى الأوّل والثّالث مجاز مرسل.
(١) أي التّهديد أعمّ من الإنذار ، فيكون الإنذار داخلا في التّهديد ، ولذا لم ينصّ عليه.
(٢) أي لأنّ الإنذار إبلاغ مصحوب بالتّخويف ، كما في قوله تعالى : (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)(٣) فصيغة (تَمَتَّعُوا) مع ما بعدها تخويف بأمر مع إبلاغه عن الغير ، والتّهديد هو التّخويف مطلقا ، سواء كان مصحوبا بإبلاغ أو لا بأن كان من عند نفسه ، فيكون أعمّ من الإنذار ، لأنّه تخويف مقيّد والمقيّد أخصّ من المطلق ، فالحاصل إنّ التّهديد وإن كان لا يحتاج إلى الإبلاغ ، إلّا أنّه محتاج إلى ما يدلّ على الوعيد مجملا أو مفصّلا.
(٣) أي الأوضح أن يقال : لأنّه تخويف مع إبلاغ.
(٤) وحاصل ما في الصّحاح : إنّ التّهديد أعمّ من الإنذار ، لأنّ الإنذار تخويف مع دعوة لما ينجي من المخوف ، وأمّا التّهديد فهو تخويف مطلقا ، لكنّ الفرق بين ما في الصّحاح وما قبله من جهة أنّ الإنذار على ما في الصّحاح لا يكون إلّا من الرّسول ، لكونه اعتبر في مفهومه الدّعوة ، والإنذار على ما قبله يكون من الرّسول ومن غيره ، لأنّه اعتبر في مفهومه الإبلاغ ، وهو أعمّ من الدّعوة ، لأنّه يكون من الرّسول ومن غيره ، لأنّه يقال لمن أعلم قوما بأنّ جيشا يصحبهم أنّه أنذرهم ولو لم يرسل بذلك.
(٥) أي فترون منّا ما هو أمامكم فهذا يتضمّن وعيدا مجملا.
(٦) الشّاهد : في أنّ صيغة الأمر استعملت للتّعجيز.
__________________
(١) سورة حم السّجدة : ٤٠.
(٢) سورة البقرة : ٢٣.
(٣) سورة إبراهيم : ٣٠.