وغير (١) ذلك ، [والإيراد المذكور] أي إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في الوضوح [لا يتأتّى بالوضعيّة] أي (٢) بالدّلالة المطابقيّة (٣)
________________________________________
(١) عطف على العرف الخاصّ ، وذلك كالقرائن الموجبة للزّوم الكائن بين الموضوع له والخارج ، كلزوم الكرم للبخل بسبب كون المتكلّم في مقام ذمّ وسخريّة أحد ، كما إذا قلت تعريضا على لئيم : ألا أيّها النّاس أتعجّب من كرم فلان ، فإنّ المخاطب يفهم أنّه بخيل بمعونة أنّك في مقام ذمّه ، وكلزوم سلب المتكلّم الزّنا من نفسه وأخته في مقام ذمّه لأحد ، لثبوت الزّنا وله ولأخته ، فيقول : لست أنا زان ولا أختي زانية ، فيفهم المخاطب بمعونة المقام أنّ مراده ثبوت الزّنا لأحد وأخته.
(٢) فسّر الشّارح الوضعيّة بالمطابقيّة ، لئلّا يتوهّم أنّ المراد بالوضعيّة هو المعنى الّذي جعله مقسما للدّلالات الثّلاث ، فيما أعني ما للوضع فيها مدخل ، فتدخل العقليّة الآتية ، وهو فاسد.
(٣) أعلم أنّ المطابقيّة كما تندرج فيها دلالة الحقائق ، تندرج فيها دلالة المجازات ، مرسلة كانت أو مستعارة على مذهب المناطقة ، لأنّها دلالة اللّفظ على تمام ما وضع له بالوضع النّوعي ، بناء على أنّ المراد بالوضع في تعريف المطابقة أعمّ من الشّخصي والنّوعي ، كما في شرح الشّمسيّة ، حيث قال الشّارح : لا نسلّم أنّ دلالة المجاز على معناه تضمّن أو التزام ، بل مطابقة ، إذ المراد بالوضع في الدّلالات الثّلاث أعمّ من الجزئي الشّخصي ، كما في المفردات ، والكلّي النّوعي كما في المركّبات ، وإلّا لبقيت دلالة المركّبات خارجة عن الأقسام ، والمجاز موضوع بإزاء معنى بالنّوع ، كما تقرّر في موضعه انتهى.
لكنّ أهل هذا الفنّ ، أي البيانيّين منعوا كون دلالة المجاز وضعيّة ، كما يستفاد ذلك من كلام السّيرافي عند تعريفه الدّلالة ، وهذا نصّه : الوضع المعتبر سواء كان شخصيّا أو نوعيّا ، تعيين اللّفظ نفسه بلا واسطة قرينة بإزاء المعنى ، لا تعيينه مطلقا بإزائه ، وصرّح بذلك الشّارح أيضا في التّلويح ، فإذا ينتفي الوضع المعتبر مطلقا عندهم في المجاز ، فدلالته على معناه إمّا تضمّنيّة كما في موارد استعمال اللّفظ الموضوع للكلّ في الجزء ، أو التزاميّة ج كما في غير هذه الموارد من سائر المجازات مرسلة كانت أو مستعارة.
فإذا لا يراد أنّ البيانيّين خصّوا تأتّي الاختلاف في الوضوح والخفاء بالعقليّة ، وطبّقوها على