الطّرفان (١) هما الأصل والعمدة في التّشبيه لكون (٢) الوجه معنى قائما بهما ، والأداة آلة في ذلك قدّم (٣) بحثهما. فقال [طرفاه (٤)] ، أي المشبّه والمشبّه به ، [إمّا حسّيّان (٥) كالخدّ والورد (٦)] في المبصرات (٧) ، [والصّوت الضّعيف والهمس (٨)] ، أي الصّوت الّذي أخفى حتّى كأنّه لا يخرج عن فضاء (٩) الفمّ ، في المسموعات [والنّكهة] وهي ريح الفمّ ، و [العنبر (١٠)] في المشمومات ، [والرّيق والخمر (١١)] في المذوقات ، و [الجلد النّاعم والحرير (١٢)] في الملموسات ، وفي أكثر ذلك (١٣) تسامح ،
________________________________________
(١) أي المشبّه والمشبّه به.
(٢) علّة لأصالتهما بالنّظر إلى الوجه ، أي أنّهما الأصل لا الوجه لكونه معنى قائما بهما ، فيكون عارضا للطّرفين ، ولا الأداة ، أي ليست الأداة أصلا لكونها آلة.
(٣) أي جواب لما ، أي لما كان الطّرفان هما الأصل قدّم المصنّف بحثهما.
(٤) أي التّشبيه.
(٥) أي منسوبان إلى الحسّ ، بأن يكونا مدركين بإحدى الحواس الظّاهرة.
(٦) أي كما في قولك : خدّ سلمى كالورد في الحمرة.
(٧) والجار والمجرور في موضع حال من الخدّ والورد ، وفي بمعنى من في الحقيقة.
(٨) أي كما في قولك : صوت زيد كالهمس في الخفاء.
(٩) أي عن وسطه.
(١٠) أي كما في قولك : نكهة زيد كالعنبر في ميل النّفس إلى كلّ العنبر ، كما في (أقرب الموارد) هو طيب ، وله مادّة صلبة لا طعم لها ولا ريح ، إلّا إذا أسحقت ، أو أحرقت ، فإنّه ينبعث منها رائحة زكيّة ، قيل العنبر روث دابّة بحريّة ، أو نبع عين في البحر ، أو نبت ينبت في البحر بمنزلة الحشيش في البرّ يذكّر ويؤنّث.
(١١) أي كما في قولك : ريق هند كالخمر في اللذّة والحلاوة ، أو إيجاد الفرح والنّشاط ، إذ لها لذّة عند المعتادين بشربها ، وإن كان حراما شرعا.
(١٢) أي كما في قولك : جلد سلمى كالحرير في النّعومة.
(١٣) أي في أكثر ما ذكر من الأمثلة تسامح ، وفيه إشارة إلى أنّ بعضها لا تسامح فيه ، كالصّوت الضّعيف والهمس فإنّهما مسموعان حقيقة ، وكالنّكهة فإنّها مشموم حقيقة ، فالمراد بالأكثر ما عدا الصّوت الضّعيف والهمس والنّكهة ، فإنّ هذه الثّلاثة لا تسامح فيها.