والوهميّات (١) والوجدانيّات (٢) أراد (٣) أن يجعل الحسّي والعقلي بحيث يشملانها (٤) تسهيلا للضّبط بتقليل الأقسام فقال : [والمراد بالحسّي (٥) المدرك
________________________________________
الخارج ، وليس المراد بها الصّور المرتسمة في الخيال بعد إدراكها بالحسّ المشترك المتأديّة إليه من الحواسّ الظّاهرة ، لأنّ هذه داخلة في الحسّيّات ، وليست من الخياليات بالمعنى المراد هنا ، ألا ترى أنّ الأعلام الياقوتيّة المنشورة على رماح زبرجديّة الّتي جعلها أهل هذا الفنّ من الخياليات لا وجود لها خارجا حتّى تتقرّر في الحسّ المشترك عند مشاهدتها بالحسّ الظّاهري.
(١) جمع وهميّ ، والمراد به هنا صورة لا يمكن إدراكها بالحواسّ الظّاهرة ، لعدم وجودها لكنّها بحيث لو وجدت لم تدرك إلّا بها ، وليس المراد بالوهميّ هنا ما يدرك بالوهم من المعاني الجزئيّة ، كصداقة زيد وعداوة عمرو ، كما مرّ في بحث الفصل والوصل ، فإنّ أنياب الأغوال ورؤس الشّيّاطين ونحوهما ممّا جعله أهل هذا الفنّ لكن لو وجدت في الخارج لأمكن رؤيتها.
والفرق بينه وبين الخيالي أنّ الثّاني منتزع من الموادّ الّتي تكون محسوسة بخلاف الوهمي.
(٢) جمع وجداني ، وهو الأمر الّذي يدرك بالوجدان كالشّبع والجوع والفرح والغضب واللذّة والألم ، فإنّ هذه الأشياء إذا قام بالإنسان شيء منها إدراكه بواسطة ما يسمّى بالوجدان.
(٣) جواب لما في قوله : «ولما كان من المشبّه والمشبّه به ...».
(٤) أي يشمل الحسّي والعقلي ، الخياليات والوهميّات والوجدانيّات ، تسهيلا للضّبط بتقليل الأقسام ، لأنّه كلّما قلّ الاعتبار قلّت الأقسام ، فقوله : «تسهيلا» علّة لقوله : «أنّ يجعل الحسّي والعقلي بحيث يشملانها» وأشار إلى تعميم تفسير الحسّي والعقلي بقوله «والمراد بالحسّي ...».
(٥) أي في باب التّشبيه ، وهذا جواب عمّا ربّما يتخيّل أنّه كان أولى للمصنّف أن يقول : وطرفاه إمّا حسّيّان أو عقليّان أو خياليان أو وهميّان أو وجدانيّان أو حسّي وعقلي إلى آخر الأقسام ، فالقسمة الّتي ذكرها غير حاصرة ، وحاصل الجواب : إنّ المراد بالحسّيّ كذا ، وبالعقلي كذا ، فتكون القسمة حاصرة.