صالحا لفهم المراد ، وإن لم توجد بقي فاسدا ولم ينتفع به [بخلاف الملح] فإنّه يحتمل القلّة والكثرة ، بأن يجعل في الطّعام القدر الصّالح منه (١) أو أقلّ أو أكثر ، بل وجه الشّبه هو الصّلاح بإعمالهما والفساد بإهمالهما (٢). [وهو] أي وجه الشّبه (٣) [إمّا غير خارج عن حقيقتهما] أي حقيقة الطّرفين بأن يكون (٤) تمام ماهيّتهما أو جزءا منهما (٥) ، [كما في تشبيه ثوب بآخر في نوعهما أو جنسهما أو فصلهما] كما يقال هذا القميص مثل ذاك في كونهما كتّانا أو ثوبا (٦) ، أو من
________________________________________
(١) أي من الملح ، وهو القليل الّذي ذكر فيما سبق أنّه مصلح.
(٢) أي وجه الشّبه هو الصّلاح والفساد لوجوده في الطّرفين ، فإنّ الملح إذا استعمل في الطّعام صلح ، وإلّا فسد ، كذا النّحو إذا استعمل في الكلام صلح ، وإلّا فسد ، فإعمالهما صلاح وإهمالهما وتركهما فساد في الطّعام والكلام. وليس وجه الشّبه كون قليلهما مصلحا وكثيرهما مفسدا لعدم وجوده في النّحو.
(٣) لمّا ذكر ضابط وجه الشّبه شرع في تقسيمه ، كما قسّم الطّرفين فيما مرّ إلى أربعة أقسام ، وقسّم وجه الشّبه إلى ستّة أقسام ، وذلك لأنّ وجه الشّبه إمّا غير خارج عن حقيقة الطّرفين ، وإمّا خارج عنها ، وغير الخارج على ثلاثة أقسام لأنّه إمّا أن يكون وجه الشّبه تمام ماهيّتهما أو جزءا منها مشتركا بينها وبين ماهيّة أخرى أو جزءا منها مميّزا لها عن غيرها من الماهيّات ، والأوّل هو النّوع ، والثّاني هو الجنس ، والثّالث هو الفصل ، والخارج عنها إمّا أن يكون صفة حقيقيّة ، وإما إضافيّة ، والحقيقيّة إمّا حسيّة أو عقليّة ، وقدّم الكلام على غير الخارج ، لأنّه الأصل في وجه الشّبه ، ولم يقل : وهو إمّا داخل أو خارج ليشمل النّوع ، لأنّه كما أنّه غير خارج غير داخل لكونه تمام الماهيّة ، والشّيء لا يدخل في نفسه ولا يخرج منها.
(٤) أي بأن يكون وجه الشّبه تمام ماهيّة الطّرفين ، وهو النّوع.
(٥) أي بأن يكون وجه الشّبه جزء ماهيّة الطّرفين ، وهو الجنس أو الفصل.
(٦) الثّوب اسم لكلّ ما يلبس ، لكن إن كان يسلك في العنق يقال له : قميص ، وإن كان يلفّ على لرأس يقال له : عمامة ، وإن كان يستر به العورة ، يقال له : سروال ، وإن كان يوضع على الأكتاف يقال له : رداء ، فالثّوب جنس تحته أنواع ، قميص ، عمامة ، سروال ، رداء ، ثمّ ما ذكره الشّارح مثال للجنس والفصل ، ولم يذكر مثال النّوع ، لأنّ قوله : هذا القميص مثل ذاك في