الطّلب] عند الإنصاف (١) كما في الاستفهام والنّداء (٢) [ولتبادر الفهم عند الأمر بشيء (٣) بعد الأمر بخلافه (٤) إلى تغيير (٥)] الأمر [الأوّل دون الجمع (٦)] بين الأمرين ، [وإرادة التّراخي] فإنّ المولى إذا قال لعبده : قم ، ثمّ قال له قبل أن يقوم : اضطجع حتّى المساء (٧) ، يتبادر إلى الفهم إلى أنّه غيّر الأمر بالقيام إلى الأمر بالاضطجاع ، ولم يرد الجمع بين القيام والاضطجاع مع تراخيّ أحدهما (٨) ، [وفيه (٩) نظر] لأنّا لا نسلّم ذلك عند خلوّ المقام عن القرائن.
________________________________________
(١) أي عدم اللّجاج ، أي عند إنصاف النّفس لا عند الحميّة والجدال.
(٢) فإنّ الاستفهام يقتضي فوريّة الجواب ، والنّداء يقتضي فوريّة إقبال المنادى.
(٣) أي بفعل من الأفعال.
(٤) أي بعد الأمر بضدّه ، وقبل الإتيان به.
(٥) متعلّق بتبادر ، أي يتبادر الفهم فيما ذكر إلى تغيّر المتكلّم بالصّيغة الأمر الأوّل بالأمر الثّاني.
(٦) أي من غير أن يتبادر أنّ المتكلّم أراد الجمع بين الفعلين المأمور بهما ، ومن غير أن يتبادر أنّ المتكلّم أراد جواز التّراخي في أحد الأمرين حتّى يمكن الجمع بينهما ، ويلزم من تغيير الأوّل كونه على الفور حيث غيّره بما يعقّبه ، فيثبت المطلوب وهو كونه على الفور.
(٧) أي إلى المساء ، فهي غاية ، والغاية لا بدّ لها من مبدأ ، والمناسب هنا أنّ مبدأها عقب ورود الصّيغة ، أي اضطجع زمانا طويلا من هذا الوقت إلى المساء ، وإنّما قيّد بذلك ليتحقّق التّراخيّ ، فإنّه إذا قال : قم ، ثمّ قال اضطجع ، وفعل العبد كليهما على التّعاقب يكون ممتثلا على الفور بخلاف ما إذا أمره بعد الأمر بالقيام بالاضطجاع زمانا ، فإنّه يفهم منه أنّه غير الأمر الأوّل بالأمر الثّاني ، ويلزم من تغيير الأوّل أنّه على الفور حيث غيّره بما ينفيه.
(٨) أي القيام والاضطجاع.
(٩) أي فيما قاله السّكّاكي من اقتضاء الأمر الفوريّة نظرا ، وفي المثال المذكور نظر ، وحاصله : إنّ تغيير الأمر الأوّل بالثّاني في المثال ، إنّما نشأ من القرينة ، وهي قوله : «حتّى المساء» حيث إنّ العادة جارية بأنّ مطلق لا يراد به التّأخير إلى اللّيل ولمّا أمره بالاضطجاع المبدوّ بوقت ورود الصيغة ، والمختوم بالمساء ، فهم تغيير الأوّل ، فلو خلّي الكلام عن القرينة ، كما لو قال :