النّهي
[ومنها] أي من أنواع الطّلب [النّهي] وهو طلب الكفّ عن الفعل (١) استعلاء ، [وله حرف واحد ، وهو لا الجازمة (٢) في نحو قولك : لا تفعل ، وهو كالأمر في الاستعلاء (٣)] لأنّه المتبادر إلى الفهم [وقد يستعمل (٥) في غير طلب الكفّ] عن الفعل كما هو (٦) مذهب البعض [أو] طلب [التّرك] كما هو (٧) مذهب البعض ، فإنّهم اختلفوا في أنّ مقتضى النّهي كفّ النّفس عن الفعل بالاشتغال بأحد أضداده (٨) ،
________________________________________
قم ، ثمّ قال له : اضطجع ، من غير أن يزيد حتّى المساء ، لم يتبادر التّغيير ، ولهذا قال الشّارح : لأنّا لا نسلّم ذلك ، أي التّبادر عند خلوّ المقام عن القرائن.
(١) أي من حيث إنّه ملحوظ آلة لا من حيث كونه ملحوظا بالذّاتّ ، فلا ينتقض بنحو اكفف عن القتل ، أو كفّ عن الزّنا ، لأنّ الكفّ في أمثال ذلك ملحوظ بالذّاتّ لا آلة لغيره ، ثمّ إنّ هذا أحد القولين في النّهي ، والقول الآخر إنّه نفس أن لا تفعل ، وطلب التّرك ، ولعلّ الشّارح اقتصر على هذا القول لكونه أرجح عنده.
(٢) أي خرج بهذا القيد لا النّافية.
(٣) أي فالنّهي أيضا موضوع لغة لطلب ترك فعل على سبيل الاستعلاء ، أو لطلب الكفّ عن فعل على جهة الاستعلاء ، وهذا قدر جامع بين الحرمة والكراهة ، كما كان طلب الفعل على جهة الاستعلاء قدرا جامعا بين الوجوب والاستحباب.
(٤) أي الاستعلاء المتبادر إلى الفهم ، والتّبادر من أقوى أمارات الحقيقة.
(٥) أي يستعمل النّهي في غير طلب الكفّ ، وحاصله إنّ صيغة النّهي قد تستعمل في غير ما وضعت له على جهة المجاز كالتّهديد والدّعاء والالتماس.
(٦) أي وضعه لطلب الكفّ عن الفعل مذهب البعض وهم الأشاعرة.
(٧) أي كون النّهي لطلب التّرك مذهب البعض وهو أبو هاشم الجبائيّ.
(٨) أي أضداد الفعل ، أي الأصوليّون اختلفوا في مقتضى النّهي على قولين : الأوّل هو كفّ النّفس عن الفعل بالاشتغال بأحد أضداده ، كمن كان في بيت توجد فيه امرأة أجنبيّة داعية له إلى الزّنا ، ونفسه أيضا داعية له إليه فكفّ نفسه عنه ، ويخرج من البيت ، فهو حينئذ ممتثل