من أوصاف الجسم كالشّكل واللّون (١)] والأوضح عبارة أسرار البلاغة : اعلم أنّ ممّا (٢) يزداد به التّشبيه دقّة وسحرا أن يجيء في الهيئات الّتي تقع عليها الحركات ، والهيئة المقصودة في التّشبيه على وجهين : أحدهما أن تقترن بغيرها من الأوصاف (٣). والثّاني أن تجرّد هيئة الحركة (٤) حتّى لا يزداد عليها (٥) غيرها ، فالأوّل (٦) [كما (٧) في قوله : والشّمس كالمرآة في كفّ الأشلّ (٨) من الهيئة] بيان لما في كما في
________________________________________
(١) بأن يلاحظ العقل الحركة وما فيها من الوصف وأوصاف الجسم ، ثمّ ينتزع من المجموع هيئة ، ويجعلها وجه التّشبيه.
(٢) أي المراد بما الأحوال ، أي من الأحوال الّتي يزداد بها التّشبيه «ودقّة وسحرا» أي تمييلا للعقول وتعجيبا لها ، أن يجيء التّشبيه «في الهيئات» ، أي في الصّفات «الّتي تقع عليها» ، أي مع الصّفات فكلمة على في قوله : «عليها» بمعنى مع.
(٣) بأن يلاحظ العقل صفة الحركات ، ونفسها وأوصاف الجسم ، ثمّ ينتزع من المجموع هيئة ، ثمّ يجعلها وجه التّشبيه.
(٤) أي الهيئة المأخوذة من الحركات فالمراد بالحركة الجنس المتحقّق في متعدّد ، والمراد أن تجرّد عن أوصاف الجسم.
(٥) أي لا يزداد على هيئة الحركة غير هيئة الحركة كالشّكل ، بأن يلاحظ العقل الحركات ، وما لها من الأوصاف ، ثمّ ينتزع من المجموع هيئة يجعلها وجه الشّبه ، أي لم يكن الأمر كذلك ، كما هو كذلك في الوجه الأوّل.
(٦) وهو أن يقترن بالحركة غيرها من أوصاف الجسم.
(٧) أي كوجه التّشبيه في قول ابن المعتزّ ، أو قول أبي النّجم.
(٨) وتمامه تجري على السّماء من غير فشل.
شرح المفردات : «المرآة» بالميم والرّاء المهملة والمدّ والمثنّاة كمشكاة معروف ، «الكفّ» بفتح الكاف وتشديد الفاء واحد الأكفّ ، وأراد به هنا اليد ، «الأشلّ» بفتح الألف والشّين واللّام المشدّدة الّذي يبست يداه ، وأراد به هنا المرتعش ، «تجري» بالجيم والرّاء المهملة المكسورة مضارع جرى بمعنى صار ، «الفشل» بالفاء والشّين المعجمة كفرس الضّعف والكسل.
والشّاهد في البيت كون وجه الشّبه أمرا منتزعا من الحركات وصفاتها ، وأوصاف جرم الشّمس ، ولأجل ذلك أصبح التّشبيه مؤثّرا في النّفس غاية التّأثير.