المصحف (١) في قوله (٢) وكأنّ البرق مصحف قار] بحذف الهمزة ، أي قارئ ، [فانطباقا مرّة وانفتاحا] أي فينطبق انطباقا مرّة ، وينفتح انفتاحا أخرى (٣) فإنّ (٤) فيها (٥) تركيبا ، لأنّ المصحف يتحرّك في حالتي الانطباق والانفتاح إلى جهتين ، في كلّ حالة إلى جهة (٦).
[وقد يقع التّركيب في هيئة السّكون ، كما في قوله : في صفة الكلّب : يقعي] أي يجلس على إليتيه [جلوس البدوي المصطلي (٧)] ، من اصطلى بالنّار [من الهيئة الحاصلة من موقع كلّ عضو منه] أي من الكلب [في إقعائه] فإنّه يكون لكلّ عضو منه في الإقعاء موقع خاص ، وللمجموع صورة خاصّة مؤلّفة من تلك المواقع ، وكذلك صورة جلوس البدوي عند الاصطلاء بالنّار الموقدة على الأرض.
________________________________________
(١) أي المصحف بضمّ الميم ، مأخوذ من أصحفت ، أي جمعت فيه الصّحف.
(٢) أي قول ابن المعتزّ.
(٣) أي التّفسير المذكور إشارة إلى أنّ المصدرين منصوبان بمقدّر ، والانطباق بالنّون والطّاء المهملة والموحّدة والقاف ، ضدّ الانفتاح ، والشّاهد في البيت كونه مشتملا على تشبيه واقع في الحركات المختلفة المجرّدة عن اعتبار أوصاف الجسم ، يعني أنّ وجه الشّبه هو الهيئة الحاصلة من تقارن الحركات المختلفة الكائنة لأجزاء المصحف من دون ملاحظة ما لها من الأوصاف ، أي الانفتاح والانطباق في النّظر كالبرق.
(٤) علّة لقوله : «بخلاف حركة المصحف».
(٥) أي في حركة المصحف تركيبا ، لأنّه يتحرّك في الحالتين إلى جهتين مختلفتين ، أي جهة العلوّ وجهة السّفل.
(٦) أي في حالة الانفتاح يتحرّك إلى جهة السّفل ، وفي حالة الانطباق إلى جهة العلوّ ، ثمّ الانطباق والانفتاح في جانب المشبّه ، أعني البرق إنّما هما في الحقيقة للسّحاب عند مساس البعض البعض الآخر ، والبرق في تلك الحالة يخرج من السّحاب بسبب المساس ، فيكون إثبات الانفتاح والانطباق للبرق من قبيل إثبات ما هو للسّبب للمسبّب.
(٧) شرح مفردات قول أبي الطّيب «يقعي» بالقاف والعين والياء مضارع من الإقعاء ، وهو الجلوس على الإليتين ، «البدوي» منسوب إلى البدوّ بمعنى الصّحراء «المصطلي» بالصّاد والطّاء اسم فاعل من الاصطلاء ، بمعنى التّدفئ بالنّار.