[و] المركّب [العقليّ (١)] من وجه الشّبه [كحرمان الانتفاع (٢) بأبلغ نافع مع تحمّل التّعب في استصحابه ، في قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً)(١)] جمع سفر وهو الكتاب ، فإنّه أمر عقليّ منتزع
________________________________________
والشّاهد في البيت كونه مشتملا على تشبيه بديع واقع في هيئات السّكونات ، فإنّ الكلب حال إقعائه لكلّ عضو من أعضائه سكون خاصّ ، وكذلك البدوي المصطلي ، فانتزع من السّكونات الكائنة في أعضاء الكلب هيئة ، ومن السّكونات الكائنة في أعضاء البدوي هيئة ، ثمّ شبّهت الأولى بالثّانية بجامع هيئة شاملة للهيئتين.
(١) هذا هو القسم من القسم أعني المركّب المنزّل منزلة الواحد ، وقد تقدّم أنّه إمّا حسّيّ وإمّا عقليّ ، وقد تقدّم الكلام في الأوّل أعني الحسّيّ ، وبدأ الكلام في الثّاني أعني العقليّ.
(٢) وحاصل الكلام في المقام أنّه شبّه في هذه الآية مثل اليهود الّذين حمّلوا التّوراة ، أي حالتهم ، وهي الهيئة المنتزعة من حملهم التّوراة ، وكون محمولهم وعاء للعلم ، وعدم انتفاعهم بذلك المحمول ، في شبّه مثل اليهود بمثل الحمار الّذي يحمل الكتب الكبار ، أي بحالته ، وهي الهيئة المنتزعة من حمله للكتب ، وكون محموله وعاء للعلم ، وعدم انتفاعه بذلك المحمول ، والجامع حرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمّل التّعب في استصحابه.
وظاهر المصنّف أنّ وجه الشّبه وهو الجامع المذكور مركّب عقليّ ، وفيه أنّ كونه عقليّا مسلّم ، وأمّا كونه مركّبا فغير مسلّم لما تقدّم من أنّ المراد بالمركّب في وجه الشّبه ، أو الطّرفين هي الهيئة المنتزعة من عدّة أمور ، والحرمان المذكور ليس هيئة.
وأجيب عن ذلك بوجهين : الأوّل إنّ قول المصنّف «كحرمان الانتفاع» ، بتقدير مضاف ، أي كهيئة حرمان الانتفاع ، والمعنى كهيئة حاصلة من حرمان الانتفاع بأبلغ نافع من تحمّل التّعب في استصحابه ، فالطّرفان مركّبان ، وكذلك وجه الشّبه.
الثّاني : إنّ الحرمان المذكور هيئة منتزعة من متعدّد ، أي من الهيئتين المنتزعتين من عدّة أمور ، ومنع كونه أمرا منتزعا ناش من تخيّل كون الهيئة المنتزعة هيئة حسّيّة دائما ، وليس الأمر كذلك ، فإنّ الهيئة قد تكون معقولة كما في المقام ، فإنّ الكلام حول المركّب العقليّ.
__________________
(١) سورة الجمعة : ٥.