بخلاف التّشبيهات المجتمعة ، كما في قولنا : زيد كالأسد والسّيف والبحر (١) ، فإنّ القصد فيها إلى التّشبيه بكلّ واحد من الأمور على حدة ، حتّى (٢) لو حذف ذكر البعض لم يتغيّر حال الباقي في إفادة معناه ، بخلاف المركّب فإنّ المقصود منه يختلّ بإسقاط بعض الأمور ، [والمتعدّد (٣) الحسّيّ كاللّون والطّعم والرّائحة في تشبيه فاكهة بأخرى (٤) ، و] ، المتعدّد [العقليّ كحدّة النّظر (٥) ، وكمال الحذر (٦) وإخفاء السّفاد] أي نزو (٧)
________________________________________
وحاصل الفرق بينهما أنّ الأوّل لا يجوز فيه حذف بعض ما اعتبره ، وإلّا اختلّ المعنى ، ولا تقديم بعض ما اعتبر على بعض بخلاف الثّاني حيث لا يختلّ المعنى ، ولا يتغيّر بإسقاط البعض أو بالتّقديم والتّأخير ، كما أشار إليه بقوله : «لو حذف ذكر البعض لم يتغيّر حال الباقي في إفادة معناه».
(١) أي زيد كالأسد في الشّجاعة ، وكالسّيف في الإضاءة ، وكالبحر في الجود ، والمراد بالتّشبيهات المجتمعة الّتي يكون الغرض منها مجرّد الاجتماع في إفادة معناه ، أعني التّشبيه المستقلّ ، وفوات اجتماع الصّفات في المخبر عنه لا يكون تغييرا في إفادة التّشبيه ، بل ذلك من جهة عدم ذكر العطف.
(٢) قوله : «حتّى لو حذف» تفريع على ما قبله ، والمراد بالحذف لازمه ، وهو التّرك ، وليس المراد أنّه ذكر ثمّ حذف.
(٣) أي وجه الشّبه المتعدّد الحسّيّ ، وقد مرّ أنّ وجه الشّبه ثلاثة أقسام ، أي واحد ومركّب ومتعدّد ، ولما فرغ المصنّف من الأوّلين شرع في الثّالث ، وهو على ثلاثة أقسام ، أي إمّا حسّيّ أو عقليّ أو مختلف.
(٤) أي كتشبيه التّفّاح بالسّفرجل في اللّون والطّعم والرّائحة ، أو كتشبيه المشمش بالتّفاح فيما ذكر من الأمور الثّلاثة ، ولا شكّ أنّها تدرك بالحواسّ الظّاهرة.
(٥) أي قوّته وجودته ، وهي أمر عقليّ ، إذ ليست محسوسة بإحدى الحواسّ الظّاهرة ، وما هذا شأنه عقليّ في الباب.
(٦) أي الخوف ثمّ الاحتراس والتّحفّظ من العدو ، وهذا أيضا مدرك بالحواسّ الظّاهرة.
(٧) بفتح النّون وسكون الزّاء مصدر نزا كعدا.