[أو للاحتراز (١) عن صورة الأمر] كقول العبد للمولى : ينظر المولى إليّ ساعة ، دون انظر ، لأنّه في صورة الأمر (٢) وإن قصد به الدّعاء أو الشّفاعة [أو لحمل المخاطب على المطلوب (٣) بأن يكون] المخاطب [ممّن لا يحبّ أن يكذّب الطّالب] أي ينسب (٤) إليه الكذب ، كقولك لصاحبك الّذي لا يحبّ تكذيبك : تأتيني غدا (٥) مقام ائتني (٦) تحمله (٧) بألطف وجه على الإتيان ، لأنّه إن لم يأتك غدا صرت كاذبا من حيث الظّاهر (٨) ، لكون كلامك في صورة الخبر
________________________________________
لكثرة التّصوّر الناشئ عن كثرة الرّغبة قضاء لحقّ المخاطب ، أو يريدهما معا. فقوله : «أمّا غير البليغ فهو ذاهل ...» أي فهو غافل عن الاعتبارات المناسبة لمقامات إيراد الكلام ، وإنّما يقول ما يسمع من غير ملاحظته فيه خصوصيّة من الخصوصيّات.
(١) عطف على قوله : «للتّفاؤل» أي أو الخبر قد يقع موقع الإنشاء ، للاحتراز عن صورة الأمر.
(٢) المشعر بالاستعلاء المنافيّ للأدب ، وإن كان دعاء أو شفاعة في الحقيقة.
(٣) أي أو يقع الخبر موقع الإنشاء لحمل المتكلّم المخاطب على المطلوب ، أي على تحصيل المطلوب ، لكن لا بسبب إظهار الرّغبة ، بل بسبب كون المخاطب لا يحبّ تكذيب المتكلّم ، فالباء في قوله : «بأن يكون» للسّببيّة ، والحاصل : إنّه قد يعبّر بالخبر موضع الإنشاء لأجل حمل المخاطب وهو السّامع على تحصيل المطلوب لكون المخاطب لا يحبّ تكذيب المتكلّم ، فلمّا يلقى له الكلام الخبريّ المقصود منه الإنشاء يسعى ويبادر في تحصيل المطلوب خوفا من نسبة المتكلّم للكذب ، والفرض أنّ المخاطب لا يحبّ ذلك قوله : «أن يكذّب الطّالب» بصيغة المبنيّ للمفعول مع تشديد الذّالّ ، ورفع الطّالب.
(٤) أي هذا التّفسير إشارة إلى أنّ قوله : «أن يكذّب» في عبارة المتن على صيغة المجهول من باب التّفعيل.
(٥) أي بلفظ الإخبار.
(٦) أي بلفظ الإنشاء ، أعني الأمر.
(٧) أي أنت تحمل صاحبك على الإتيان بوجه لطيف.
(٨) لأنّك قد أخبرت ظاهرا عن إتيانه غدا ، فلو لم يأتك يصبح كلامك غير مطابق للواقع ، فصرت كاذبا ، وهو لا يحبّ أن تصير كذلك. بحيث لا يبالي عن صيرورة نفسه مخالفا