[تنبيه : الإنشاء كالخبر في كثير (١) ممّا ذكر في الأبواب الخمسة السّابقة] يعني أحوال الإسناد والمسند إليه ، والمسند ومتعلّقات الفعل والقصر [فليعتبره] أي ذلك الكثير الّذي يشارك فيه الإنشاء الخبر [النّاظر (٢)] بنور البصيرة في لطائف الكلام ، مثلا الكلام الإنشائيّ أيضا إمّا مؤكّد (٣) أو غير مؤكّد (٤) والمسند إليه فيه إمّا محذوف (٥) أو مذكور ، إلى غير ذلك (٦)
________________________________________
لأمرك ، ولكن يحترز من أن تجعل منسوبا إلى الكذب ، لفرط محبّته لك ، وإنّما قال : من حيث الظّاهر ، إذ من حيث نفس الأمر ، لا مجال للكذب ، لأنّ كلامك في المعنى إنشاء ، والصّدق والكذب من أوصاف الخبر ، ثمّ استعمال الخبر في موقع الإنشاء في جميع هذه الصّور مجاز لاستعماله في غير ما وضع له ، بعلاقة الإطلاق والتّقييد ، أو بعلاقة المشابهة.
أمّا الأوّل : فلأنّ اللّفظ الموضوع للمقيّد قد استعمل في المطلق.
وأمّا الثّاني : فلأنّ الأنشاء يباين الخبر ، إلّا أنّ غير الحاصل شبّه بالحاصل في تحقّق الوقوع ، وإن كان غير حقيقيّ ، بل فرضيّ لأجل التّفاؤل أو إظهار غاية الحرص ، ثمّ استعمل اللّفظ الموضوع للمشبّه به في المشبّه ، والسّرّ في ذلك أنّ معنى «وفّقك الله» مثلا عندهم إيجاديّ لا وقوعيّ ، فقد انعدم معناه الخبريّ عند وقوعه موقع الإنشاء رأسا ، ولم يبق مقيّد ولا قيد ، فلا يجرى اعتبار علاقة الإطلاق والتّقييد.
(١) وإنّما قال : «في كثير» لأنّ الإنشاء قد لا يكون كالخبر في بعض أحواله كالتّقييد بالشّرط ، فإنّ الشّرط يحتمل الصّدق والكذب ، بخلاف الإنشاء وكذا مسند الإنشاء غالبا لا يكون إلّا مفردا ، بخلاف مسند الخبر ، فإنّه قد يكون جملة.
(٢) بالرّفع فاعل ليعتبر.
(٣) أي فإنّ الإسناد الإنشائيّ أيضا إمّا مؤكّد كما إذا كان المخاطب بعيدا من الامتثال ، أو كان قريبا منه ، ولكن نزّل منزلة البعيد لما فيه من أمارات البعد ، كاشتغاله في أمور تنافي المسارعة في الامتثال ، فيقال له على الفرضين : أكرمنّ زيدا.
(٤) كما إذا كان قريبا من الامتثال أو بعيدا منه ، ولكن نزّل منزلة القريب ، فيقال له : أكرم زيدا.
(٥) كما يقال : قائم بعد السّؤال ، هل زيد قائم أو قاعد ، أو مذكور نحو زيد قائم.
(٦) ككونه مؤخّرا ، نحو : هل قام زيد ، أو مقدّما نحو : أزيد قام.