الفصل والوصل
[الفصل والوصل (١)] بدأ (٢) بذكر الفصل لأنّه (٣) الأصل ، والوصل طار ، أي عارض عليه (٤) حاصل (٥) بزيادة حرف من حروف العطف ، لكن (٦) لمّا كان الوصل
________________________________________
(١) من أسرار البلاغة العلم بمواطن الفصل والوصل في الكلام ، أي العلم بما ينبغي أن يصنع في الجمل من عطف بعضها على بعض أو ترك العطف فيها.
وقال بعض : «البلاغة معرفة الفصل من الوصل» وذلك لغموض هذا الباب ، ودقّة مسلكه ، وهو الباب السّابع من الفنّ الأوّل.
(٢) أي بدأ المصنّف في التّقسيم بذكر الفصل حيث قال : الفصل والوصل.
(٣) أي الفصل بمعنى عدم العطف هو الأصل حيث لا يفتقر فيه إلى زيادة بشيء ، بخلاف الوصل حيث إنّه مفتقر إلى زيادة شيء ، أعني حرف العطف ، ومعلوم أنّ ما يفتقر فيه إلى زيادة حرف فرع عمّا لا يفتقر فيه إلى شيء.
(٤) أي على الفصل.
(٥) تعليل في المعنى لما قبله ، أي لأنّ الوصل حاصل بزيادة حرف من حروف الوصل على الجملتين ، وذلك الحرف ليس من الحروف الأصليّة ، وإنّما زيد بين اللّفظين ليوصل به أحدهما إلى الآخر.
(٦) هذا استدراك لدفع ما يتوهّم من الكلام السّابق ، وتقريب التّوهّم : أنّه حيث كان الفصل هو الأصل ، فلماذا لم يقدّمه في التّعريف أيضا.
وحاصل الدّفع : إنّ تقديم الوصل على الفصل في التّعريف فبالنّظر إلى شيء آخر ، وهو أنّه لمّا كان الفصل ترك العطف ، والتّرك عدم والأعدام لا تعرف إلّا بملكاتها ، قدّم تعريف الوصل لكونه بمنزلة الملكة ، والحاصل إنّ تعريف الوصل وجوديّ ، وتعريف الفصل عدميّ ، ولا شكّ أنّ الوجود في التّصوّر مقدّم على العدم ، فقدّمه في الذّكر أيضا ، ليكون ما في الذّكر موافقا لما في التّصوّر.