[فإذا (١) أتت جملة بعد جملة فالأولى إمّا أن يكون لها (٢) محلّ من الإعراب أو لا (٣) ، وعلى الأوّل] أي على تقدير أن يكون للأولى محلّ من الإعراب [إن قصد تشريك الثّانية لها] أي للأولى (٤) [في حكمه] أي في حكم الإعراب (٥) الّذي لها ، مثل
________________________________________
(١) أي رتّب المصنّف على التّعريف بيان الأحكام ، فقوله : «فإذا أتت جملة ...» إشارة إلى معرفة الحكم بعد معرفة الشّيء ، أي إذا عرفت ما ذكرناه من تعريف الفصل والوصل فاستمع أحكامهما ، وهي أنّه إذا أتت جملة بعد جملة ، «فالأولى» المراد بالأولى الأولى الإضافيّ لا الحقيقيّ ، لأنّ العطف قد يكون بين أكثر من جملتين.
(٢) أي الأولى «محلّ من الإعراب» بأن تكون في محلّ رفع كالخبريّة أو نصب كالمفعوليّة أو جرّ كالمضاف إليها.
(٣) أي بأن لا يكون لها محلّ من الإعراب كالاستئنافيّة والمعترضة ، والّتي يجاب بها القسم والتّفسيريّة ، والّتي تقع جوابا لشرط غير جازم مطلقا أو جازم ولم تقترن بالفاء ، ولا بإذا الفجائيّة ، وما تكون تابعة لأحد ما لا محلّ لها من الإعراب.
(٤) وحاصل كلامه : أنّه إذا أتت جملة بعد جملة ، فإن لم يكن للأولى محلّ من الإعراب ، فسيأتي حكمها ، وإن كان لها محلّ من الإعراب ، ولم يقصد تشريك الثّانية لها في حكمه ، فيجب الفصل ، وإن كانت الشّركة موجودة في الواقع ، كما في الخبر بعد الخبر ، والصّفة بعد الصّفة ، ونحوهما ، إذ مجرّد وجود شيء في الواقع لا يستلزم اعتباره ، وذلك لأنّ الوصل يضادّ مقصوده ، وإن قصد تشريك الثّانية لها فيجب العطف ، لأنّ الفصل حينئذ ينافي مقصوده ، لكن العطف إن كان بغير الواو وما بمعناه فهو صحيح في نفسه ، ومقبول عند البلغاء سواء كان بين الجملتين جهة جامعة غير خصوصية في معنى حرف العطف أم لا ، وإن كان بالواو أو نحوه ممّا يجيء بمعناه ، فشرط كونه مقبولا عند البلغاء أن يكون بينهما جهة جامعة ، وإلّا فيكون مردودا عندهم وإن كان صحيحا في نفسه ومقبولا عند الأوساط.
(٥) أي الإعراب عبارة عن الحركات وما ينوب منابها من الحروف كالألف والياء والواو ، والمراد بالحكم هنا الحال الموجب للإعراب مثل كونها خبرا لمبتدأ ، فإنّه يوجب الرّفع ، وكونها حالا أو مفعولا ، فإنّه يوجب النّصب ، فإضافة الحكم إلى الإعراب من إضافة السّبب إلى المسبّب.