بخلاف الواو (١) [ولهذا] أي ولأنّه لا بدّ في الواو (٢) من جهة جامعة [عيب على أبي تمّام قوله :
لا والّذي هو عالم أنّ النّوى (٣) |
|
صبر (٤) وأنّ أبا الحسين كريم |
إذ (٥) لا مناسبة بين كرم أبي الحسين ومرارة النّوى ، فهذا العطف غير مقبول سواء جعل عطف مفرد على مفرد ، كما هو الظّاهر (٦) ، أو عطف جملة على جملة باعتبار وقوعه موقع مفعولي ـ عالم (٧) ـ ،
________________________________________
(١) أي فإنّه لا يحسن العطف بها إلّا إذا وجدت الجهة الجامعة بين المسند إليهما والمسندين في الجملتين ، ولا يكفي لصحّة العطف مجرّد تحقّق الجامع بين المسندين فقطّ ، أو المسند إليهما فقطّ ، كما صرّح به الشّارح آخر بحث الجامع.
(٢) أي في قبول العطف بالواو.
(٣) النّوى بالنّون والواو ، كفتى بمعنى البعد والفراق ، ثمّ يحتمل أنّ الشّاعر أراد نواه أو أراد نوى غيره ، أو ما أعمّ.
(٤) صبر من الصّبر بالصّاد والرّاء بينهما الباء السّاكنة للضّرورة أصله ككتف ، وهو عصارة شجرة مرّ ، والمراد هنا الدّواء المرّ ، وحينئذ فالكلام من باب التّشبيه البليغ بحذف الكاف ، أي إنّ فراق الأحبّة كالصّبر في المرارة.
والشّاهد في البيت كونه مشتملا على عطف أمرين لا جامع بينهما.
(٥) علّة لقوله : «عيب» ، وقد انتصر بعض النّاس لأبي تمّام ، فقال الجامع خياليّ لتقارنهما في خيال أبي تمّام أو وهميّ ، وهو ما بينهما من شبه التّضادّ ، وأنّ مرارة النّوى كالضّدّ لحلاوة الكرم ، لأنّ كرم أبي الحسين حلو ويدفع بسببه ألم احتياج السّائل ، والصّبر مرّ ، ويدفع به بعض الآلام ، والتّناسب موجود ، لأنّ كليهما دواء ، فالصّبر دواء العليل ، والكرم دواء الفقير.
وقد يقال : المراد لا مناسبة ظاهرة ، إذ هي الّتي تعتبر في العطف لا نفي مطلق المناسبة.
(٦) حيث إنّ أن تؤوّل مع مدخولها بالمفرد.
(٧) أي باعتبار أنّ أن مع مدخولها واقعة موقع مفعولي العلم وسادّة مسدّهما ومفعولاه أصلهما مبتدأ وخبر ، فعلى هذا يكون العطف في المقام بتأويل عطف الجملة على الجملة