لئلّا يلزم من العطف التّشريك (١) الّذي ليس بمقصود [نحو : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)(١) (٢) ، لم يعطف (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) على (إِنَّا مَعَكُمْ) لأنّه (٣) ليس من مقولهم] فلو عطف عليه لزم تشريكه له ، في كونه (٤) مفعول ـ قالوا ـ فيلزم أن يكون (٥) مقول قول المنافقين ، وليس كذلك (٦) ، وإنّما قال (٧) على (إِنَّا مَعَكُمْ) دون (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) لأنّ قوله : (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)
________________________________________
(١) أي التّشريك في موجب الإعراب الّذي ليس بمقصود ، أي لأنّ المقصود الاستئناف.
(٢) الآية هكذا : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ). ومن عادة المنافقين أنّهم إذا لقوا المؤمنين قالوا آمنّا وإذا خلوا إلى شياطينهم ضمّن خلوا معنى أفضوا ، فعدّى بإلى ، وإلّا فكان حقّه التّعدية بالباء ، أي إذا أفضى المنافقون إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم ، أي بقلوبنا في الثّبات على الكفر (إنّما نحن مستهزئون بهم) أي بالنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه فيما نظهر لهم من الإيمان والمحبّة ، ويمكن أن يكون قوله : (إِلى شَياطِينِهِمْ) متعلّقا بمحذوف ، أي إذا خلا المنافقون من المؤمنين ورجعوا إلى شياطينهم ، أي رؤسائهم من الكافرين (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) أي يجازيهم بجعلهم مطرودين من رحمته ولطفه في مقابل استهزائهم بالمؤمنين ، ففي الكلام مشاكلة ، وإلّا فالاستهزاء مستحيل على الله سبحانه.
(٣) أي قوله : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) ليس من مقول المنافقين ، حتّى يعطف على مقولهم ، بل من مقول الله سبحانه وتعالى.
(٤) أي في كون (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) مفعول «قالوا».
(٥) أي فيلزم أن يكون (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) مقول قول المنافقين.
(٦) أي والحال ، ليس (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) مقول قول المنافقين.
(٧) أي قوله : «إنّما قال» جواب عن سؤال مقدّر تقريره : أنّه ما السّرّ في أنّ المصنّف قال : «لم يعطف (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) على (إِنَّا مَعَكُمْ)» ، ولم يقل لم يعطفه على (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) مع أنّ هذه الجملة أقرب.
وحاصل الجواب : إنّ الجملة الثّانية بيان للجملة الأولى ، فحكم العطف عليها حكم
__________________
(١) سورة البقرة : ١٤ و ١٥.