وهو (١) السّبب في صعوبة باب الفصل والوصل حتّى (٢) حصر بعضهم البلاغة في معرفة الفصل والوصل. [وإلّا] أي وإن لم يقصد ربط الثّانية بالأولى على معنى عاطف سوى الواو (٣) [فإن كان للأولى حكم (٤) لم يقصد إعطاؤه للثّانية فالفصل] واجب ، لئلّا يلزم من الوصل التّشريك في ذلك الحكم (٥) [نحو : (وَإِذا خَلَوْا) الآية (٦) لم يعطف (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) على (قالُوا) لئلّا يشاركه (٧) في الاختصاص بالظّرف لما مرّ] من أنّ تقديم
________________________________________
(١) أي ما ذكر من الخفاء ، السّبب في صعوبة باب الفصل والوصل ، أي صعوبة معرفة مسائل باب الفصل والوصل.
(٢) غاية للصّعوبة ، ومراد هذا القائل هو التّنبيه على دقّة هذا الباب وصعوبته ، وليس مراده الحصر حقيقة.
(٣) بأن لا يقصد ربطهما أصلا ولو من ناحية الاجتماع في الحصول ، كما إذا أردت أن تخبر عن قيام زيد فتقول : قام زيد فبدا لك أن تخبر عن قعود خالد ، فتقول : قعد خالد ، ففي هذا الفرض الفصل متعيّن في جميع الأحوال الّتي ذكرناها ، وسيجيء بيانها من الشّارح ، أو قصد ربطهما لكن بمعنى عاطف هو الواو بأن يراد بيان اجتماع مضموني الجملتين في مجرّد الحصول الخارجيّ ، ففي هذا الفرض يجيء التّفصيل الّذي بيّنه المصنّف ، وهذا هو السّرّ في ترك الفرض الأوّل ، والتّعرّض لهذا الفرض.
(٤) أي قيد زائد على مفهوم الجملة كالاختصاص بالظّرف في الآية الشّريفة ، وليس المراد به هنا الحكم الإعرابيّ حيث إنّ المفروض إنّ الجملة الأولى ممّا لا محلّ لها من الإعراب.
(٥) والحال إنّه غير مقصود.
(٦) أي اذكر الآية إلى آخرها ، وهو قوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ).
(٧) لئلّا يشارك (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) قوله تعالى : (قالُوا) في الاختصاص بالظّرف لما مرّ في باب القصر من أنّ تقديم المفعول ونحوه من الظّرف وغيره يفيد الاختصاص ، فيلزم أن يكون استهزاء الله بهم مختصّا بحال خلوّهم إلى شياطينهم ، وليس الأمر كذلك ، وحاصل مقالته : إنّ قوله تعالى : (قالُوا) له حكم زائد وهو الاختصاص لمكان تقديم الظّرف ، وهو (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) وقد عرفت في باب القصر أنّ تقديم ما حقّه التّأخير يفيد الحصر ، فمعنى هذه