[فكذلك (١)] أي يتعيّن الفصل ، لأنّ الوصل يقتضي مغايرة ومناسبة. [وإلّا] أي وإن لم يكن بينهما كمال الانقطاع بلا إيهام (٢) ولا كمال الاتّصال ولا شبه أحدهما
________________________________________
لتوهّم خلاف المقصود في الفصل ، مثل إذا سألت : هل تشرب خمرا فقلت لا ، وتركت شربه يكون قولك : تركت شربه تأكيدا للنّفي السّابق ، ولو لم يؤت بالواو لتوهّم تعلّق النّفي بالتّرك فيلزم الوصل دفعا له بعين ما ذكره المصنّف في فرض كمال الانقطاع مع الإيهام ، كما في قولك : لا ، وأيّدك الله.
وقد أجيب عن ذلك بأنّه يمكن أنّ المصنّف حذف قوله : بلا إيهام من كمال الاتّصال اعتمادا على ذكره في كمال الانقطاع ، فعليه قوله الآتي أعني : وإلّا وصلت دخل تحته ثلاثة أمور : كمال الانقطاع مع الإيهام كما تعرّض له ، وكمال الاتّصال كذلك ، والتّوسّط بين الكمالين.
وردّ هذا الجواب : بأنّ الأمر لو كان كذلك لتعرّض هذا الفرض فيما يأتي من التّفصيل ، كما تعرّض لكمال الانقطاع بقسميه ، والحال أنّه لم يتعرّضه أصلا ، والصّحيح ما ذكره عبد الحكيم من أنّ عدم تقسيمه كمال الاتّصال إلى قسمين لمكان أنّ الفصل متعيّن فيه ، وإن كان فيه إيهام خلاف المقصود ، وذلك لأنّ المغايرة من جهة شرط في العطف جدّا ، ولا يرفع اليد عن اعتبارها بواسطة دفع إيهام خلاف المقصود مع إمكان هذا الدّفع بوجه آخر ، وفي المقام يمكن الدّفع بوجه آخر ، بأن يقال في المثال المذكور : لا قد تركت شربه ، هذا بخلاف كمال الانقطاع ، فإنّ مصحّح العطف وهو المغايرة متحقّق فيه ، والتّباين بينهما المنافي لكون العطف مقبولا بالواو لا يضرّ شيئا ، إذ لا يترتّب عليه دفع الإيهام ، واعتبار الاتّحاد من جهة في العطف ليس في الأهمّيّة بمكان لا يرفع اليد عنه لمراعاة دفع الإيهام إذا كان الدّفع ممكنا بغيره ، إنّما هو شرط استحسانيّ ، فترفع اليد عنه بأدنى نكتة مترتّبة على العطف بخلاف اعتبار المغايرة ، فإنّه وجوبيّ عند البلغاء ، لئلّا يلزم عطف الشّيء على نفسه ، أو ما شابه ذلك.
(١) هذا جواب لقوله : «فإن كان للأولى حكم» ومجموع الشّرط الثّاني وجوابه جواب لقوله : «وإلّا» ، واسم الإشارة في قوله : «فكذلك» إشارة إلى قوله : «فإن كان للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثّانية ، فالفصل واجب» ، كما قال الشّارح «يتعيّن الفصل».
(٢) بأن لم يكن بينهما كمال الانقطاع أصلا ، أو كان ولكن مع إيهام.