في جاءني زيد زيد] لكونه (١) مقرّرا ل (ذلِكَ الْكِتابُ) مع اتّفاقهما في المعنى بخلاف (لا رَيْبَ فِيهِ) (٢) فإنّه يخالفه معنى [أو (٣)] لكون الجملة الثّانية [بدلا منها] أي من الأولى
________________________________________
(١) علّة لكون وزان (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) وزان زيد الثّاني ، أي لكون (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) مقرّرا لقوله تعالى :
(ذلِكَ الْكِتابُ) «مع اتّفاقهما» أي اتّفاق (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) و (ذلِكَ الْكِتابُ) «في المعنى» ، لأنّ كلّا منهما بمعنى أنّ القرآن هو الكامل في الهداية.
وحاصل الكلام : إنّ مماثلة جملة هو هدى للمتّقين لزيد الثّاني في اتّحاد المعنى المراد ، أعني دفع توهّم الغلط والسّهو ونحوهما ، لأنّ التّأكيد اللّفظي كما مرّ في باب المسند إليه ، إنّما يؤتى به للتّقرير أو لدفع توهّم السّامع أنّ ذكر زيد الأوّل كان على وجه السّهو أو الغلط أو نحوهما ، وأنّ المراد عمرو مثلا ، فيؤتى بزيد الثّاني للتّقرير ، أو لدفع ذلك التّوهّم ، فكذلك قوله : هو هدى ، فإنّه إنّما أتى بها لكونه مقرّرا لقوله : (ذلِكَ الْكِتابُ) ودافعا للتّوهّم المذكور ، أي كونه ممّا يرمى به جزافا.
(٢) أي إنّ قوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) وإن كان مقرّرا ل (ذلِكَ الْكِتابُ) حيث نفى الرّيب عن شيء شهادة تبجيل بكماله قطعا ، فيكون مقرّرا ل (ذلِكَ الْكِتابُ) باعتبار حاصل معناه ومآله ، إلّا أنّ (ذلِكَ الْكِتابُ) يخالف (لا رَيْبَ فِيهِ) معنى ، أي من جهة مدلولهما المطابقيّ ، فلذا جعل (لا رَيْبَ فِيهِ) بمنزلة التّأكيد المعنويّ ل (ذلِكَ الْكِتابُ) هذا بخلاف (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) فإنّه متّحد ل (ذلِكَ الْكِتابُ) معنى ومقرّر له ، فيكون أشبه شيء بالتّأكيد اللّفظيّ الاصطلاحيّ الكائن في المفردات حيث إنّ المؤكّد موافق فيه للمؤكّد في المعنى ، مع كونه مفيدا لتقريره ، فجدير أن ينزّل (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) بمنزلة التّأكيد اللّفظيّ ل (ذلِكَ الْكِتابُ) ولو لا المغايرة في اللّفظ لكان تأكيدا لفظيّا من دون مؤنة التّنزيل.
(٣) أي قول المصنّف «أو بدلا منها» عطف على قوله : «مؤكّدة للأولى» فمعنى العبارة أنّ القسم الثّاني من كمال الاتّصال أن تكون الجملة الثّانية بدلا من الأولى ، فلا تعطف الثّانية على الأولى كما لا تعطف عليها إذا كانت مؤكّدة لها لما بين المؤكّد والتّأكيد والبدل والمبدل منه من كمال الاتّصال وربّما يقال : إنّ في كون الفصل في البدل من أجل كمال الاتّصال والاتّحاد نظرا ، وذلك لأنّ المبدل منه في البدل في حكم السّقوط وكالمعدوم ، ولا معنى لاتّحاد ما هو موجود مع ما هو بمنزلة المعدوم ، فالصّحيح أن يعلّل عدم جواز