المخاطب [وقوله : لا تقيمنّ عندنا أوفى بتأديته (١) لدلالته] ، أي لدلالة لا تقيمنّ [عليه] أي على كمال إظهار الكراهة [بالمطابقة (٢) مع التّأكيد] الحاصل من النّون ، وكونها (٣) مطابقة باعتبار الوضع العرفيّ حيث يقال : لا تقم عندي ، ولا يقصد كفّه عن الإقامة ، بل
________________________________________
موضوع لكمال إظهار الكراهة لأنّه إنّما وضع لطلب الرّحيل ، لكن لمّا كان طلب الشّيء عرفا يقتضي غالبا محبّته ، ومحبّة الشّيء تستلزم كراهة ضدّه ، وهو الإقامة هنا ، فهم منه كراهة الإقامة ، والدّليل على ذلك قوله : «وإلّا فكن في السّرّ والجهر مسلما» فإنّه يدل على أنّ المراد ب «ارحل» كراهة إقامته لسوئه لا أنّه مأمور بالرّحيل مع عدم المبالاة بإقامته وعدم كراهتها ، بل لمصلحة له فيه مثلا ، والحاصل إنّ لفظ «ارحل» يكون دالّا على كراهة الإقامة التزاما ، وذكر هذا اللّفظ يفيد كمال إظهار الكراهة.
(١) أي تأدية المراد وهو كمال إظهار الكراهة ، وبعبارة أخرى تأدية المراد الّذي هو التّنبيه على كمال إظهار الكراهة لإقامة المخاطب.
(٢) أي دلالة مسمّاة مطابقة ، وحاصل الكلام في المقام : إنّ كلّا من «ارحل» و «لا تقيمنّ» وإن دلّ على كمال إظهار الكراهة إلّا أنّ دلالة «لا تقيمنّ» عليه بالمطابقة العرفيّة ودلالة «ارحل» عليه بالالتزام ، ولا ريب أنّ الدّلالة المطابقيّة أوفى من الدّلالة الالتزاميّة ، هذا مع أنّ «لا تقيمنّ» مؤكّدة بالنّون الثّقيلة والتّأكيد بها أيضا يفيد كمال الإظهار ، ف «لا تقيمنّ» أوفى ببيان المراد من «ارحل» لوجهين :
الأوّل : كونها دالّة عليه بالمطابقة العرفيّة.
والثّاني : اشتمالها على النّون الثّقيلة الّتي هي للتّأكيد ، فقول المصنّف مع التّأكيد حال من ضمير «دلالته» أي دلالته عليه بالمطابقة حال كونه مصاحبا للتّأكيد.
(٣) أي الدّلالة مطابقة ، هذا من الشّارح جواب عمّا يقال : إنّ قوله «لا تقيمنّ عندنا» إنّما يدلّ بالمطابقة على طلب الكفّ عن الإقامة ، لأنّه موضوع للنّهي ، وأمّا إظهار كراهة المنهيّ عنه ، وهو الإقامة ، فمن لوازمه ومقتضياته ، وحينئذ فدلالته عليه تكون بالالتزام دون المطابقة ، فكيف يدّعي المصنّف أنّها بالمطابقة.
وحاصل الجواب : إنّا نسلّم أنّ دلالته على إظهار كراهة الإقامة بالالتزام ، لكن هذا بالنّظر للوضع اللّغويّ ، ودعوى المصنّف أنّ دلالته عليه بالمطابقة بالنّظر للوضع العرفيّ