تقول : من جبريل (١)؟ أي أبشر هو أم ملك أم جنّيّ؟ ، وفيه (٢) نظر] إذ لا نسلّم أنّه للسّؤال عن الجنس ، وأنّه يصحّ في جواب من جبريل أن يقال : ملك ، بل يقال : ملك من عند الله يأتي بالوحي كذا ، وكذا ممّا (٣) يفيد تشخّصه [ويسأل بايّ عمّا يميّز أحد المتشاركين في أمر (٤) يعمّهما] وهو (٥) مضمون ما أضيف إليه أيّ [نحو : (أى الفريقين)
________________________________________
(١) أي ما جنسه إذا كنت عالما بأنّه من ذوي العلم ، جاهلا جنسه وجوابه : ملك.
(٢) أي فيما قاله السّكّاكي بالنّظر إلى جعل من للسّؤال عن الجنس نظر ، وحاصله : إنّا لا نسلّم ورود من
في اللّغة للسّؤال عن الجنس ، فالصّواب ما مرّ من أنّها للسّؤال عن العارض المشخّص ، ويدلّ عليه جواب موسى عليهالسلام ، بقوله : ربّنا الّذي أعطى كلّ شيء خلقه ، ثمّ هدى عن سؤال آل فرعون بقوله : (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) (٤٩) (١) ، فهذا الجواب ممّا يفيد التّشخّص والتّعيّن وهذا ظاهر ، في أنّه يسأل بمن عن العارض المشخّص لذي العلم لا عن الجنس من ذي العلم.
(٣) أي قوله :» ممّا يفيد ...» بيان قوله :» كذا وكذا».
(٤) متعلّق ب «المتشاركين» بصيغة التّثنية ، وهو اقتصار على أقلّ ما يحصل فيه الاشتراك ، وإلّا فأيّ كما يسأل بها عمّا يميّز أحد المتشاركين يسأل بها عمّا يميّز أحد المتشاركات ، وحاصل ما ذكره المصنّف أنّه إذا كان هناك أمر يعمّ شيئين أو أشياء بحيث وقع فيه الاشتراك ، وكان واحد منهما أو منها محكوما له بحكم وهو مجهول عند السّائل ، إلّا أنّ له وصفا عند غيره يميّزه ، وأريد تمييزه ، فإنّه يسأل بأيّ عن ذلك الموصوف بوصف يميّزه ، وهو صاحب الحكم ، لأنّ العلم بالمشترك فيه ، وهو الأمر العام مع العلم بثبوت الحكم لأحد الشّيئين أو الأشياء لا يستلزم بالضّرورة العلم بتمييز صاحب الحكم من الشّيئين أو الأشياء ، فيسأل بأيّ عن الموصوف بالوصف المميّز له ، فقول المصنّف :» عمّا يميّز» المراد عن موصوف ما يميّز أي عن موصوف وصف يميّز أحد المتشاركين.
(٥) أي الأمر الّذي يعمّهما مضمون ما أضيف إليه أي أشار الشّارح به إلى أنّ الأمر المشترك فيه الّذي قصد التمييز على قسمين : فتارة يكون هو ما أضيف إليه أيّ ، وتارة أخرى يكون غيره ، فالأوّل كمثال المصنّف : أيّ الفريقين ... ، فإنّهما مشتركان في
__________________
(١) سورة طه : ٥٠.