[مع ما بينهما] أي بين عدم الإقامة والارتحال [من الملابسة] اللّزوميّة (١) فيكون (٢) بدل اشتمال والكلام (٣) في أنّ الجملة الأولى أعني ارحل ذات محلّ من الإعراب (٤) مثل ما مرّ (٥) في ارسوا نزاولها. وإنّما قال في المثالين (٦) إنّ الثّانية أوفى (٧) ، لأنّ الأولى
________________________________________
الإعراب ، ومقتضى ذلك أنّ الجمل الّتي لها محلّ يجرى فيها بدل الكلّ ، لأنّه يتأتّى فيها قصد الثّانية بسبب قصد نقل نسبة العامل إليها بخلاف الّتي لا محلّ لها من الإعراب ، فإنّه لا نسبة فيها للعامل حتّى تنقل إلى مضمون الجملة الثّانية.
(١) حيث إنّ الارتحال ملازم خارجا بعدم الإقامة ، لأنّ الأمر بالشّيء كالرّحيل يستلزم النّهي عن الضّدّ كالإقامة.
(٢) أي فيكون «لا تقيمنّ» بدل اشتمال عن «ارحل» ، لأنّه متقوّم على ركيزة واحدة ، وهي الملازمة والملابسة ، وقد عرفت أنّها موجودة في المقام.
(٣) مبتدأ وخبره قوله : «مثل ما مرّ» ، وهذا الكلام من الشّارح إشارة إلى ردّ ما يرد على المصنّف من أنّ التّمثيل بقول الشّاعر لكون الجملة الثّانية بدلا من الأولى لا يصحّ في المقام ، لأنّ محلّ الكلام هنا في الجملة الّتي لا محلّ لها من الإعراب ، والجملتان ـ أعني «ارحل» و «لا تقيمنّ» ـ في قول الشّاعر منصوبان محلّا بأقول ، فمحلّهما نصب بالقول.
وحاصل الرّدّ : إنّا لا نسلّم أنّ محلّ الكلام هو خصوص الجمل الّتي لا محلّ لها من الإعراب ، بل محلّ الكلام بيان كمال الاتّصال بين الجملتين لكون الثّانية بدلا عن الأولى بقطع النّظر عن كون الجملتين لهما محلّ من الإعراب أم لا.
(٤) أي ارحل منصوبة المحلّ باعتبار كون قوله : «ارحل» مفعولا للقول ، أعني أقول.
(٥) حيث تكون الجملة الأولى أعني ارسوا ، في محلّ النّصب ، لأنّها مفعول به لقوله : قال ، ونزاولها خبر مبتدأ محذوف ، أي نحن نزاولها ، وقيل : إنّ ما وقع في كلام الرّائد من الجملتين ليس لهما محلّ من الإعراب ، لأنّ كلّ واحدة منهما مستأنفة لا محلّ لها من الإعراب.
(٦) أي الآية والبيت.
(٧) أي أوفى بتأدية المراد ، فيدلّ لمكان أفعل التّفضيل على أنّ الجملة الأولى فيهما وافية بتمام المراد ، وذلك لما بيّن في علم النّحو من أنّه يجب في أفعل التّفضيل اشتراك المفضّل عليه والمفضّل في أصل المادّة.