وافية مع ضرب من القصور باعتبار الإجمال (١) وعدم مطابقة الدّلالة فصارت كغير الوافية [أو] لكون الثّانية [بيانا لها (٢)] أي للأولى [لخفائها (٣)] أي الأولى [نحو : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى)(١) (٥)
________________________________________
(١) أي الإجمال في الآية والبيت ، أمّا في الآية فلأنّ الجملة الأولى فيها تدلّ على النّعم المذكورة بالعموم بخلاف الثّانية ، فإنّها تدلّ عليها بالخصوص ، فتفوق الأولى من جهة كونها نصّا على المراد ، وأمّا الإجمال في البيت فواضح لا يحتاج إلى بيان ، لأنّ المراد ب «ارحل» هو إظهار الكراهة لإقامة المخاطب ، والجملة الأولى تدلّ على ذلك بمعونة قرينة متأخّرة ، وهي قوله : «وإلّا فكن في السّرّ والجهر مسلما» بخلاف الجملة الثّانية فإنّها تدلّ عليه بالمطابقة العرفيّة من دون الاحتياج إلى قرينة ، فالدّلالة في الجملة الثّانية مطابقيّة ، بخلاف الجملة الأولى حيث إنّ فيها قصور لأجل عدم مطابقة الدّلالة.
(٢) عطف على قوله : «مؤكّدة» أي وأمّا كمال الاتّصال فلكون الثّانية مؤكّدة للأولى أو بيانا لها ، أي القسم الثّالث من كمال الاتّصال أن تكون الجملة الثّانية بيانا للأولى. والقسم الأوّل أن تكون الثّانية مؤكّدة للأولى ، والقسم الثّاني من كمال الاتّصال أن تكون الجملة الثّانية بدلا للأولى ، وقد تقدّم الكلام في القسم الأوّل والثّاني.
(٣) علّة لكون الثّانية بيانا للأولى ، وذلك بأن تنزّل منزلة عطف البيان من متبوعه في إفادة الإيضاح ، والمقتضي للتّبيين أن يكون في الأولى نوع خفاء مع اقتضاء المقام إزالته لكون الحكم ممّا يعتنى به.
(٤) فعل ماض من الوسوسة ، وهي القول الخفيّ المقصود به الإضلال.
(٥) والشّاهد في الآية : في أنّ جملة (قالَ يا آدَمُ) عطف بيان لجملة (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ) ، ولذا فصّلت عمّا قبلها ، وبالجملة إنّ الجملة الأولى فيها خفاء ، إذ لم تتبيّن تلك الوسوسة ، فبيّنت بقوله : (قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) وأضاف الشّجرة للخلد بادّعاء أنّ الأكل منها سبب للخلود ، وعدم الموت ، ومعنى (وَمُلْكٍ لا يَبْلى) لا يتطرّق إليه نقصان فضلا عن الزّوال ، وقول المصنّف : «فإنّ وزانه وزان أقسم بالله أبو حفص عمر» إشارة إلى ما روي أنّ إعرابيّا أتى عمر بن الخطّاب فقال : إنّ أهلي بعيد ، وإنّي على ناقة دبرا ،
__________________
(١) سورة طه : ١١٨.