فإنّ وزانه] أي وزان (قالَ يا آدَمُ) [وزان عمر في قوله : أقسم بالله أبو حفص عمر] ما مسّها من نقب ولا دبر ، حيث جعل الثّاني (١) بيانا وتوضيحا للأوّل فظهر (٢) أنّ ليس لفظ (قالَ) بيانا وتفسيرا للفظ (فَوَسْوَسَ) حتّى يكون هذا من باب بيان الفعل لا من بيان الجملة ، بل المبيّن هو مجموع الجملة. [وأمّا كونها] أي الجملة الثّانية [كالمنقطعة عنها (٣)] أي عن الأولى [فلكون
________________________________________
عجفاء ، نقباء ، واستحمله فظنّه كاذبا ، فلم يحمله ، فأخذ الإعرابيّ بعيره ، واستقبل البطحاء ، وهو يقول : أقسم بالله أبو حفص عمر ما إنّ بها من نقب ولا دبر اغفر اللهمّ إن كان فجر ، أعني كذب ، حيث أقسم على أنّها ليست بنقباء ولا دبراء ، المسّ بمعنى اللّمس ، وهنا بمعنى الإصابة ، وما نافية ، النّقب ضعف أسفل الخفّ في الإبل من خشونة الأرض ، والدّبر جراحة الظّهر ، والفجر بمعنى الكذب.
(١) أي حيث جعل الثّاني في الآية وقول الأعرابيّ بيانا للأوّل ، فكما جعل عمر بيانا وتوضيحا لأبي حفص ، لأنّه كنية يقع فيها الاشتراك كثيرا كذلك وسوسة الشّيطان بيّنت بالجملة بعدها مع متعلّقاتها لخفاء تلك الوسوسة كما عرفت.
(٢) هذا جواب عمّا يقال اعتراضا على المصنّف : بأنّه لم لا يجوز أن يكون البيان في الآية المذكورة من باب بيان الفعل بالفعل ، فيكون البيان في المفردات لا في الجمل وحينئذ فلا يصحّ التّمثيل بالآية المذكورة.
وحاصل الجواب : إنّه ليس لفظ (قالَ) فقطّ بيانا للفظ (فَوَسْوَسَ) كي يكون البيان في المفردات ، بل المبيّن بفتح الياء بصيغة اسم المفعول مجموع الجملة ، وكذا المبيّن بصيغة اسم الفاعل هو مجموع الجملة ، والوجه في ذلك أنّه إذا اعتبر مطلق القول بدون اعتبار الفاعل لم يكن بيانا لمطلق الوسوسة ، إذ لا إبهام في مفهوم الوسوسة ، فإنّه القول الخفيّ بقصد الإضلال ، ولا في مفهوم القول أيضا ، بخلاف ما إذا اعتبر الفاعل فإنّه حينئذ يكون المراد منها فردا صادرا من الشّيطان ، ففيه إبهام يزيله قول مخصوص صادر منه.
(٣) أي فيجب فصلها عنها كما يجب الفصل بين كاملتي الانقطاع ، وهذا شروع في شبه كمال الانقطاع ، فكان المناسب أن يقول : وأمّا شبه كمال الانقطاع ، فلكون عطفها عليها موهما لعطفها على غيرها.