عطف على أبغي ، فيكون (١) من مظنونات سلمى [ويحتمل الاستئناف (٢)] كأنّه قيل : كيف تراها في هذا الظّنّ (٣)؟ فقال : أراها تتحيّر في أودية الضّلال. [وأمّا كونها] أي الثّانية [كالمتّصلة بها] أي بالأولى [فلكونها] أي الثّانية [جوابا لسؤال اقتضته (٤) الأولى فتنزّل] الأولى [منزلته] أي السّؤال لكونها (٥)
________________________________________
المقام : أنّه لو عطف جملة «أراها» على جملة تظنّ سلمى لكان صحيحا إذ لا مانع من العطف عليه ، إذ المعنى حينئذ أنّ سلمى تظنّ كذا ، وأظنّها كذا ، وهذا المعنى صحيح ، ومراد للشّاعر ، إلّا أنّه قطعها ، ولم يقل : وأراها ، لئلّا يتوهّم السّامع أنّها عطف على «أبغي» وحينئذ يفسد المعنى المراد ، إذ المعنى حينئذ أنّ سلمى تظنّ أنّني أبغي بها بدلا ، وتظنّ أيضا أنّني أظنّها تهيم في الضّلال ، وليس هذا مراد الشّاعر ، لأنّ مراده أنّني أحكم على سلمى بأنّها أخطأت في ظنّها أنّي أبغي بها بدلا.
(١) أي فيكون قوله : «أراها» من مظنونات سلمى ، وليس الأمر كذلك ، كما عرفت ، لأنّ مراد الشّاعر : أنّني أحكم على سلمى بأنّها أخطأت في ظنّها أنّي أبغي بها بدلا.
(٢) أي يحتمل أن يكون قوله : «أراها» استئنافا بيانيّا ، أي جوابا عن سؤال مقدّر ، وهو كيف تراها في هذا الظّنّ؟ فقال : أراها مخطئة تتحيّر في أودية الضّلال.
(٣) أي هل هذا الظّنّ صحيح أم لا؟ الجواب : أراها تتحيّر في أودية الضّلال ، أي الضّلال الشّبيه بالأودية ، فهو من إضافة المشبّه به إلى المشبّه ، فعليه يكون الفصل لأجل شبه كمال الاتّصال ، ولا يكون البيت مثالا لما نحن فيه ، بل يكون مثالا لشبه كما الاتّصال ، كما يأتي في قوله : «وأمّا كونها كالمتّصلة بها» فيكون المانع من العطف حينئذ كون الجملة الثّانية كالمتّصلة بما قبلها ، لاقتضاء ما قبلها السّؤال أو تنزيله منزلة السّؤال ، والجواب ينفصل عن السّؤال لما بينهما من الاتّصال.
(٤) أي السّؤال لما اشتملت عليه الجملة الأولى ، ودلّت عليه بالفحوى ، وذلك لكونها مجملة في نفسها باعتبار الصّحّة وعدمها ، كما في المثال السّابق أعني قوله : «وتظنّ سلمى ...» فإنّ الظّنّ يحتمل الصّحّة وعدمها ، أو لكونها مجملة السّبب ، أو غير ذلك ممّا يقتضي السّؤال على ما سيأتي تفصيله.
(٥) أي الأولى.