وكقوله : والطّير أغربة عليه (١) أي باكية ، وقد استوفينا ذلك (٢) في الشّرح (٣).
واعلم (٤) أنّهم (٥) قد اختلفوا في أنّ الاستعارة مجاز لغوي أو عقلي ، فالجمهور على أنّها مجاز لغوي ، بمعنى أنّها لفظ استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة ، [ودليل (٦) أنّها] أي الاستعارة [مجاز لغوي كونها موضوعة للمشبّه به لا للمشبّه ، ولا للأعمّ منهما] أي من المشبّه والمشبّه به ، فأسد في قولنا : رأيت أسدا يرمي ، موضوع للسّبع المخصوص لا للرّجل الشّجاع ، ولا لمعنى أعّم من السّبع ، والرّجل كالحيوان المجترىء مثلا ليكون إطلاقه عليهما (٧) حقيقة كإطلاق الحيوان على الأسد والرّجل.
وهذا (٨) معلوم بالنّقل عن أئمّة اللّغة قطعا ،
________________________________________________________
(١) أي هذا بعض بيت لأبي العلاء المعرّي ، الأغربة جمع غراب ، وهو جامد تعلّق به عليه ، لكونه بتأويل المشتقّ ، أي باكية ، أي حزينة ، وإنّما أوّل بذلك لأنّ الغراب عند العرب يشبّه به الباكي الحزين.
(٢) أي كون تعلّق الجارّ والمجرور كثيرا ما يتعلّق بالمشبّه في مثل هذا المقام.
(٣) أي مطوّل.
(٤) أي أشار الشّارح به إلى أنّ كلام المصنّف أعني «دليل أنّها ...» مرتّب على محذوف.
(٥) أي ـ علماء البيان اختلفوا في أنّ الاستعارة مجاز لغوي أو عقلي ، فذهب الجمهور إلى أنّها مجاز لغوي في مقابل المجاز العقلي ، فيشمل الشّرعى والعرفي ، كما أشار إليه بقوله : «بمعنى أنّها لفظ ...».
(٦) أي حاصل ما ذكرناه من الدّليل أنّ الاستعارة لفظ استعمل في غير ما وضع له لعلاقة وقرينة ، وكلّ ما هو كذلك فهو مجاز لغوي ، فالاستعارة مجاز لغوي.
(٧) أي لا يكون لفظ أسد موضوعا لمعنى أعمّ ليكون إطلاقه على السّبع ، والرّجل الشّجاع حقيقة ، كما أنّ إطلاق الحيوان على الأسد والرّجل حقيقة ، لأنّ الحيوان موضوع للمعنى الأعمّ من الأسد والرّجل ، وهو الجسم النّامي الحسّاس المتحرّك بالإرادة ، وحينئذ فاستعماله في كلّ من الأسد والرّجل حقيقة.
(٨) أي كون لفظ أسد موضوعا للمشبّه به لا المشبّه ، ولا لأمر أعمّ ، معلوم بالنّقل عن أئمّة اللّغة قطعا.