[وقد يذكر فعل ينبئ عنه] أي عن التّشبيه (١) ، [كما في علمت زيدا أسدا ، إن قرب (٢)] التّشبيه وادّعى (٣) كمال المشابهة ، لما في علمت ، من معنى التّحقيق (٤) ، [وحسبت] زيدا أسدا [إن بعد] التّشبيه (٥) ، لما في الحسبان من الإشعار بعدم التّحقيق والتّيقّن (٦) في كون مثل هذه الأفعال منبئا عن التّشبيه نوع خفاء (٧).
________________________________________________________
(١) أي يدلّ على التّشبيه من غير ذكر أداة ، وفي الأطول إنّ المراد بقوله : «فعل» غير الأفعال الموضوعة من أصلها للدّلالة على التّشبيه ، كالأفعال المشتقّة من المماثلة والمشابهة والمضاهاة.
(٢) أي إنّما يستعمل «علمت» لإفادة التّشبيه ، إن قرب التّشبيه ، أي إن أريد إفادة قرب زيد لأسد ، أي قريب المشبّه للمشبّه به.
(٣) هذا عطف تفسيري على قوله : «إن قرب» والمراد هو أنّه ادّعى على وجه التّيقّن.
(٤) أي المراد بالتّحقيق هو التّيقّن ، فمعنى العبارة حينئذ أي لما في علمت من الدّلالة على تحقيق التّشبيه وتيقّنه ، وهذا يناسب الأمور القويّة الظّاهرة البعيدة عن الخفاء.
(٥) أي أريد إفادة بعده وضعفه ، بأن تكون مشابهة زيد لأسد ضعيفة ، لكون وجه الشّبه خفيّا عن الإدراك وغير متيقّن.
(٦) لأنّ الحسبان إنّما يدلّ على الظّن والرّجحان ، فهو يشعر بأنّ تشبيه زيد بالأسد ليس بحيث يتيقّن أنّه هو ، بل هو يظنّ ذلك ويتخيّل.
(٧) وحاصل اعتراض الشّارح على قول المصنّف أنّه لا نسلّم أنّ الفعل المذكور منبئ عن التّشبيه للعلم وجدانا بأنّه لا دلالة للعلم والحسبان على ذلك ، وإنّما الدّالّ عليه عدم صحّة الحمل ، فإنّا نجزم بأنّ الأسد لا يصحّ حمله على زيد للمباينة بينهما ، فلا بدّ أنّ يكون نحو : علمت زيدا أسدا ، ونحو : زيد أسد ، على تقدير التّشبيه ، وممّا يدلّنا على ذلك عدم توقّف الحمل على التّشبيه على مثل هذا الفعل ، فإنّ نحو : علمت زيدا أسدا ، ونحو : زيد أسد سيّان في إفادة التّشبيه من دون تفاوت ، نعم ، يكون مثل هذا الفعل منبئا عن تحقّق التّشبيه وتيقّنه ، وهو من أحوال التّشبيه فهو منبئ عن حاله لا عن أصله ، كما أشار إليه بقوله : «والأظهر أنّ الفعل ينبئ عن حال التّشبيه في القرب» كقولنا علمت زيدا أسدا «والبعد» كقولنا حسبت زيدا أسدا.