عن المشبّه به أصلا (١) ، حتّى إنّ كلّ ما يترتّب على المشبّه به من التعجّب ، والنّهي عن التعجّب يترتّب على المشبّه أيضا (٢). [والاستعارة تفارق الكذب] بوجهين (٣) [بالبناء على التّأويل] في دعوى دخول المشبّه في جنس المشبّه به بأن يجعل أفراد المشبّه به قسمين : متعارف وغير متعارف كما مرّ ، ولا تأويل في الكذب ، [ونصب] أي وبنصب [القرينة على إرادة خلاف الظّاهر] في الاستعارة ، لما عرفت أنّه لا بدّ للمجاز من قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له بخلاف الكذب ، فإنّ قائله لا ينصب فرينة على إرادة خلاف الظّاهر ، بل يبذل (٤) المجهود في ترويج ظاهره ، [ولا تكون] أي الاستعارة [علما] (٥) لما سبق من أنّها
________________________________________________________
(١) أي دلالة على أنّ المشبّه ، أي الغلام في البيتين لا يتميّز عن المشبّه به ، أي الشّمس في البيت الأوّل ، والقمر في البيت الثّاني.
(٢) أي فلذلك يصحّ التعجّب في البيت الأوّل ، والنّهي عنه في البيت الثّاني. كما يصحّ ذلك في الشّمس والقمر.
(٣) أي فلا يقع الاشتباه بينهما ، الوجه الأوّل ما أشار إليه بقوله : «بالبناء على التّأويل» ، والوجه الثّاني ما أشار إليه بقوله : «ونصب القرينة على إرادة خلاف الظّاهر».
(٤) أي يقال بذل يبذل كنصر ينصر ، والمراد بالمجهود الجهد والوسع والطّاقة ، والمراد بترويج ظاهره إظهار صحّته عند السّامع ، ومحلّ كون الكذب يبذل المتكلّم وسعه وطاقته في ترويج ظاهره إذا عرف عدم مطابقته ، وقصد إظهار صحّته ، لا إن لم يقصد ذلك واعتقد الصحّة.
(٥) أي لا تكون الاستعارة في أصله علما شخصيا فإنّ علم الجنس تجري فيه الاستعارة كاسم الجنس بخلاف علم الشّخص فلا يصحّ أنّ يشبه زيد بعمرو في الشّكل والهيئة مثلا ويطلق عليه اسمه ويفهم من تخصيص المصنّف امتناع الاستعارة بالعلميّة جواز المجاز المرسل في العلم ، فلا يكون هناك مانع من كون المجاز المرسل علما لصحّة أن يكون للعلم لازم يستعمل فيه لفظ العلم.