ولا يخفى (١) امتناع اجتماع التبشير والإنذار من جهة واحدة ، وكذا الشّجاعة والجبن.
[و] الاستعارة [باعتبار الجامع] (٢) أي ما قصد (٣) اشتراك الطّرفين فيه [قسمان : لأنّه] أي الجامع [إمّا داخل في مفهوم (٤) الطّرفين] المستعار والمستعار منه.
[نحو] قوله عليه الصّلاة والسّلام : خير النّاس رجل ممسك بعنان (٥) فرسه [كلّما سمع هيعة طار (٦) إليها] ،
________________________________________________________
(١) أي هذا بيان لكون الاستعارة في قوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ) عناديّة إذ لا يمكن اجتماع التبشير والإنذار من جهة واحدة بحيث يكون المبشّر به هو المنذر به ، والمبشّر هو المنذر ، وكذا لا يمكن اجتماع الشّجاعة والجبن من جهة واحدة.
(٢) أي وقد يقال : ينبغي أن تكون الاستعارة باعتبار الجامع أربعة أقسام لأنّه إمّا داخل في مفهوم الطّرفين ، أو خارج عنهما ، أو داخل في مفهوم أحدهما وخارج عن مفهوم الآخر ، ويمكن أن يقال : إنّ المصنّف أراد الاختصار ، حيث تندرج الأقسام الأربعة في القسمين.
(٣) أي الّذي يسمّى في التّشبيه وجه الشّبه ، لأنّه سبّب للتّشبيه ، وسمّوه هنا جامعا ، لأنّه أدخل المشبّه تحت جنس المشبّه به ادّعاء ، وجمعه مع إفراد المشبّه به تحت مفهومه.
(٤) أي بأن يكون جزء من مفهوم الطّرفين ، لكونه جنسا أو فصلا لذلك المفهوم.
(٥) أي العنان بكسر العين هو اللّجام.
(٦) أي عدّا إليها فشبّه العدو الّذي هو قطع المسافة بسرعة في الأرض بالطّيران الّذي هو قطع المسافة بسرعة في الهواء ، واستعار اسم المشبّه به للمشبّه ، واشتقّ من الطّيران طار بمعنى عدا ، والجامع قطع المسافة بسرعة ، وهو داخل في مفهوم كلّ من المستعار له وهو العدو والمستعار منه وهو الطّيران ، لأنّه جنس لكلّ منهما ، وفصل العدو المميّز له عن الطّيران كونه في الأرض ، كما أنّ الفصل المميّز للطّيران كونه في الهواء ، وإسناد الطّيران في الحديث للرّجل مجاز عقلي ، والأصل طار فرسه بسعيه.