يفاجئهم عقب إخراج النّهار من اللّيل بلا مهلة ، وعلى هذا (١) حسن إذا المفاجأة ، كما يقال : أخرج النّهار من اللّيل ففاجأه (٢) دخول اللّيل ، ولو جعلنا السّلخ بمعنى النّزع (٣) وقلنا : نزع ضوء الشّمس عن الهواء (٤) ففاجأة الظّلام لم يستقم (٥) ، أو لم يحسن ، كما إذا قلنا : كسرت الكوز ففاجأه الانكسار (٦).
[وإمّا مختلف (٧)] بعضه حسّيّ وبعضه عقليّ [كقولك : رأيت شمسا ، وأنت تريد إنسانا كالشّمس في حسن الطّلعة (٨)] وهو حسّيّ.
________________________________________________________
(١) أي على ما ذكر من قوله : «لكن لعظم ...» حسن إذا المفاجأة.
(٢) أي ففاجأ الخروج دخول اللّيل.
(٣) أي كما ذهب إليه المصنّف.
(٤) أي الّذي هو مكان ظلمة اللّيل.
(٥) أي لأنّ الدّخول في الظّلام مصاحب لنزع الضّوء ، وحينئذ فلا يعقل التّرتيب الّذي تفيده المفاجأة.
فإن قلت : إنّه مستقيم نظرا لكون نزع الضّوء علّة لدخول الظّلام ودخول الظّلام معلول له ، ومن المعلوم أنّ العلّة والمعلول مترتّبان في التّعقل ، لأنّ العلّة تلاحظ أوّلا والمعلول يلاحظ ثانيا.
قلت : إنّ الاستقامة وإن حصلت بذلك لكنّ الحمل على ذلك لا يحسن ، لأنّ المتبادر من قولنا : نزع ضوء الشّمس عن الهواء ففاجأه الظّلام ، إنّ التّرتيب بينهما باعتبار الزّمان ، والمعنى عليه غير مستقيم كما علمت.
والحاصل إنّ قولنا : نزع ضوء الشّمس ففاجأه الظّلام إمّا غير مستقيم إن اعتبر أنّ التّرتيب الّذي تفيده المفاجأة زمانيّ ، وإمّا غير مستحسن إن اعتبر أنّ ذلك التّرتيب رتبي.
(٦) أي فإنّ الانكسار مطاوع للكسر ، وحاصل مع حصوله ، وحينئذ فلا يعقل التّرتيب بينهما كما هو قضيّة المفاجأة فهو غير مستقيم ، فقد ظهر ممّا قاله الشّارح العلّامة صحّة كلام السّكّاكي ، وظهر حسن المفاجأة على ما قاله السّكّاكي لا على ما قاله المصنّف.
(٧) أي عطف على قوله : «إمّا حسّيّ» أي إن كان الطّرفان حسّيّين ، فالجامع إمّا حسّيّ كلّه ، أو عقليّ كلّه ، وإمّا مختلف.
(٨) أي الوجه وسمّي الوجه طلعة ، لأنّه المطّلع عليه عند الشّهود والمواجهة وقد تقدّم أنّ