[و] الثّالث : [مرشحة (١)] ، وهي ما قرن (٢) بما يلائم المستعار منه نحو : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ)(١) (٣)] استعير الاشتراء للاستبدالّ والاختيار (٤) ، ثمّ فرع عليها (٥) ما يلائم الاشتراء من الرّبح والتّجارة.
________________________________________________________
وحاصله أنّ عادة الجاهليّة إذا حلّ أجل الدّين الّذي له رهن ، ولم يوف فإنّ المرتهن يتملّك الرّهن ، ويتمّكن منه ولا يباع كما في الأطول.
(١) أي مرشّحة عطف على «مجرّدة» كما أنّ المجرّدة عطف على مطلقة ، والثّلاثة خبر مبتدأ محذوف ، أي هي مطلقة ومجرّدة ومرشّحة ، والمرشّحة من التّرشيح ، وهو التّقوية سمّيت الاستعارة الّتي ذكر فيها ما يلائم المستعار منه مرشّحة ، لأنّها مبنيّة على تناسي التّشبيه ، حتّى كأنّ الموجود في نفس الأمر هو المشبّه به دون المشبّه ، كان ذلك موجبا لقوّة ذلك المبنى ، فتقوى الاستعارة بتقوى مبناها لوقوعها على الوجه الأكمل ، أخذا من قولك : رشّحت الصّبي ، إذا ربّيته باللّبن قليلا قليلا حتّى يقوى على المصّ.
(٢) أي وهي استعارة قرنت بما يلائم المستعار منه ، أي زيادة على القرينة ، فلا تعدّ قرينة المكنيّة ترشيحا ، وسواء كان ما يلائم المستعار منه الّذي قرنت به الاستعارة صفة أو تفريعا.
(٣) والشّاهد في الآية أنّه شبّه الاستبدال بالاشتراء بجامع أنّ كلّا منهما معاوضة ثمّ طوى ذكر المشبّه ، وأقيم المشبّه به وهو الاشتراء مقامه ، ثمّ فرّع على ذلك ما يلائم المستعار منه وهو الرّبح والتّجارة.
(٤) أي أنّه شبه استبدال الحقّ ، واختياره عليه بالشّراء الّذي هو استبدالّ مال بآخر ، ثمّ استعير اسم المشبّه به للمشبّه ، والقرينة على أنّ الاشتراء ليس مستعملا في حقيقته ، لاستحالة ثبوت ـ الاشتراء الحقيقي للضّلالة بالهدى.
(٥) أي على الاستعارة المذكورة ، وقرينة الاستعارة ههنا المفعول ، لأنّ الضّلالة والهدى ليس ممّا يشترى حقيقة ، فيكون المراد الاستبدال والاختيار كما في قولك : قتل البخل وأحيى السّماح ، فذكر الوصف أي الرّبح والتّجارة ترشيح تفريع ، والمراد من الرّبح هو الرّبح المنفي بمعنى الخسران.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٦.