[وقد يجتمعان] أي التّجريد والتّرشيح (١) [كقوله : (٢) : لديّ أسد شاكي السّلاح (٣)] هذا (٤) تجريد ، لأنّه وصف يلائم المستعار له أعني الرّجل الشّجاع. [مقذّف* له لبد أظفاره لم تقلم] هذا (٥) ترشيح ، لأنّ هذا الوصف (٦) ، ممّا يلائم المستعار منه ، أعني الأسد الحقيقي ، واللّبد جمع لبدة ، وهي ما تلبّد من شعر الأسد على منكبيه ، والتّقليم مبالغة القلم وهو القطع (٧). ـ [والتّرشيح أبلغ (٨)] من الإطلاق والتّجريد ،
________________________________________________________
(١) أي في استعارة واحدة.
(٢) أي قول الشّاعر ، وهو زهير بن أبي سلمى.
(٣) أي تامّ السّلاح ، الشّاكي من الشّوكة بمعنى شدّة البأس والحدّة في السّلاح ، وقد يحذف الياء ويجرى الإعراب على الكاف وتقديره أنا لديّ أسد شاكي السّلاح.
(٤) أي شاكي السّلاح «تجريد ، لأنّه وصف يلائم المستعار له أعني الرّجل الشّجاع».
(٥) أي مجموع ما ذكر في المصراع الثّاني ترشيح.
(٦) أي الوصف الحاصل ممّا يلائم المستعار منه ، أعني الأسد الحقيقي ، ويمكن أن يكون قوله : «شاكي السّلاح» ، وقوله : «مقذّف» بمعنى من قذف به ورمى به في الوقائع والحروب تجريدان ، وقوله : «لبد» وقوله : «أظفاره لم تقلم» ترشيحان ، فأتى لكلّ واحد من التّجريد والتّرشيح بمثالين.
(٧) أي وحينئذ فالمعنى أظفاره انتفى تقليمها انتفاء مبالغا فيه ، نظير ما قيل في قوله تعالى :
(وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)(١) إنّ هذا من المبالغة في النّفي ، أي انتفى الظّلم عن المولى انتفاء مبالغا ، فيه لا من نفي المبالغة ، وإلّا لاقتضى ثبوت أصل الظّلم لله وهو محال ، فيكون ذكر تقليم الأظفار في البيت ترشيحا.
(٨) أي أقوى في البلاغة وأنسب بمقتضى الحال ، وإنّما كان أقوى في البلاغة ، لأنّ مقام الاستعارة هو حال إيراد المبالغة في التّشبيه والتّرشيح يقوى تلك المبالغة ، فيكون أنسب بمقتضى حال الاستعارة ، وأحقّ بذلك المقتضى من الاطلاق ومن التّجريد ، لعدم تأكد متاسبتهما لحال الاستعارة ، لأنّ في ذكر صفات المستعار له ما يفوّت المبالغة في شبهه بالمستعار منه.
__________________
(١) سورة فصّلت : ٤٦.