تذكيرا وتأنيثا وإفرادا وتثنية وجمعا ، بل ينظر إلى مواردها كما يقال للرّجل : الصّيف ضيعت اللّبن ، بكسر تاء الخطاب ، لأنّه في الأصل لامرأة (١).
[فصل] في بيان الاستعارة بالكناية والاستعارة التّخييليّة
ولمّا كانتا عند المصنّف (٢) أمرين معنويّين غير داخلين في تعريف المجاز (٣) أورد لهما فصلا على حدة ، ليستوفي المعاني الّتي يطلق عليها لفظ الاستعارة ، فقال [قد
________________________________________________________
المستعار منه لفظ المثل ، وذلك كحالة المرأة الّتي طلبت اللّبن بعد تسبّبها في ضياعه ، والحاصل إنّ المثل كلام استعمل في مضربه بعد تشبيهه بمورده ، فمضربه ما استعمل فيه الكلام الآن ومورده ما استعمل فيه الكلام أوّلا.
(١) أي امرأة كانت تحت شيخ كبير السّن فكرهته ، وطلبت منه الطّلاق ، فطلّقها في زمن الصّيف ، ثمّ تزوّجت شابّا فقيرا فأصابها جدب ، فأرسلت تطلب لبنا من زوجها الأوّل ، فقال زوجها الأوّل للرّسول : قل لها في الصّيف ضيعت اللّبن ، يعنى لمّا سئلت الطّلاق في الصّيف أوجب ذلك أن لا يعطى لها لبن ، وإنّما خصّ زمان الصّيف ، لأنّ سؤالها الطّلاق كان في الصّيف ، ثمّ ضرب في كلّ قضيّة تضمّنت طلب شيء بعد تضييعه ، وشبّه في ذلك حال المضرب بحال المورد على سبيل الاستعارة التّمثيليّة.
(٢) أي هذا الكلام من الشّارح كالاعتذار من قبل المصنّف حيث قال المصنّف : «فصل» ، ولم يستصحب اتّصال الكلام بعضه ببعض ، مع أنّ البحث بعد الفصل أيضا في الاستعارة.
وحاصل الاعتذار :
إنّ البحث بعد الفصل وإن كان في الاستعارة ، إلّا أنّ الاستعارة بالكناية والتّخييليّة عند المصنّف غير داخلين في تعريف المجاز الّذي هو الاستعارة التّمثيليّة ، أورد المصنّف لهما فصلا مستقلا ليكمل بحث الاستعارة.
(٣) أي في اللّفظ المستعمل في غير ما وضع له مع قرينة مانعة من إرادته ، ووجه عدم دخولهما فيه أنّ المجازيّة من عوارض الألفاظ ، وهما عند المصنّف ليستا بلفظين ، بل هما فعلان من أفعال النّفس ، أحدهما كما سيصرّح هو التّشبيه المضمر في النّفس ، والآخر إثبات لوازم المشبّه به للمشبّه.