والاستعارة بالكناية والاستعارة التّخييليّة فعلان (١) من أفعال المتكلّم متلازمان (٢) ، إذ التّخييليّة يجب أن تكون قرينة للمكنيّة البتّة (٣) ، والمكنيّة يجب أن تكون قرينتها تخييليّة (٤) البتّة فمثل قولنا (٥) : أظفار المنيّة الشّبيهة بالسّبع أهلكت فلانا ، يكون ترشيحا للتّشبيه ، كما أنّ أطولكنّ في قوله (٦) عليهالسلام : [أسرعكنّ لحوقا أطولكنّ
________________________________________________________
(١) الفعل الأوّل هو التّشبيه المضمر والثّاني إثبات لازم المشبّه به للمشبّه فلا يكون من المجاز اللّغوي ، لأنّه من عوارض الألفاظ.
(٢) أي كلّ منهما لازمة للأخرى فلا توجد أحدهما بدون الأخرى.
(٣) أي فلا توجد التّخييليّة بدون المكنيّة ، قوله : «إذ التّخييليّة» تعليل لقوله : «متلازمان» ، وإنّما يجب أن تكون التّخييليّة قرينة للمكنيّة ، لأنّ الاستعارة المكنيّة لا بدّ لها من أن يثبت للمشبّه شيء من اللّوازم المساوية للمشبّه به ، وهذا الإثبات لا يتصوّر إلّا بطريق التّخييليّة.
(٤) أي عند المصنّف كالقوم خلافا لصاحب الكشّاف ، واعلم أنّ المصنّف إنّما خالف القوم في المكنيّة بخلاف التّخييليّة ، فإنّه موافق لهم فيها ، والسّكاكى يخالفهم في كلّ من المكنيّة والتّخييليّة.
(٥) أي الأولى ، فمثل الأظفار في قولنا ... ، وهذا جواب عمّا يقال كيف تقول : إنّ المكنيّة والتّخييليّة متلازمتان مع أنّ التّخييليّة قد وجدت بدون المكنيّة في المثال المذكور ، لأنّه صرّح فيه بالتّشبيه ، وهو كما يمنع في المصرّحة يمنع في المكنيّة.
وحاصل الجواب بالمنع ، لأنّ الأظفار في المثال المذكور ترشيح للتّشبيه لا تخييل ، إذ كما ترشّح الاستعارة يرشّح التّشبيه ، وكذلك المجاز المرسل كما في الحديث.
والحاصل إنّ التّرشيح لا يختصّ بالاستعارة التّصريحيّة ، بل يكون للتّشبيه ، ويكون للمجاز المرسل وللمجاز العقليّ ، ويكون للمكنّى عنها بعد وجود قرينتها الّتي هي التّخييليّة ، ويصحّ جعله في هذه الحالة ترشيحا للتّخييليّة الواقعة قرينة للمكنيّة ، لأنّها إمّا مصرّحة كما يقوله السّكّاكي ، أو مجاز عقليّ كما يقوله غيره ، وكلّ منهما يجوز ترشيحه.
(٦) أي قول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأزواجه : «أسرعكنّ لحوقا أطولكنّ يدا» ، فإنّ اليد مجاز مرسل عن النّعمة لصدورها عن اليد ، وقوله : «أطولكنّ» ترشيح لذلك المجاز ، لأنّه مأخوذ من الطّول بالفتح ، وهو الإنعام والإعطاء ، وذلك ملائم لليد الأصليّة ، لأنّ الإنعام إنّما