واعترض (١) أيضا على تعريف المجاز بأنّه يتناول الغلط ، لأنّ الفرس في : خذ هذا الفرس ، مشيرا إلى كتاب بين يديه مستعمل في غير ما وضع له ، والإشارة إلى الكتاب قرينة على أنّه لم يرد بالفرس معناه الحقيقي. ـ [وقسّم] السّكّاكي [المجاز اللّغوي (٢)] الرّاجع إلى معنى الكلمة المتضمّن للفائدة [إلى الاستعارة (٣) وغيرها] بأنّه إن تضمّن المبالغة في التّشبيه (٤) فاستعارة ، وإلّا فغير استعارة.
________________________________________________________
العهد إنّما يكون إشارة إلى معهود بينك وبين مخاطبك لفظا أو حكما ، وههنا ليس الأمر كذلك.
(١) قوله :
«واعترض أيضا .. والمعترض هو المصنّف في الإيضاح وحاصل الاعتراض أنّ تعريف السّكّاكي للمجاز غير مانع لأنّه يتناول الغلط والتّعريف يجب أن يكون مانعا كما يجب أنّ يكون جامعا فكان على السّكّاكي أن يزيد بعد قوله : مع قرينته مانعة عن إرادته ـ على وجه يصحّ أن تكون القرينة ملاحظة لأجل إخراج ذلك وأجيب عنه بأنّ قوله : قرينة على حذف مضاف أي مع نصب قرينة ولا شك أنّ نصب المتكلّم قرينة يستدعي اختياره في المنصوب والشّعور به ، لأنّ النّصب فعل اختياري مسبوق بالقصد والإرادة وذلك مفقود في الغلط لأنّ الغالطّ لا يقصد نصب قرينة تدلّ على عدم إرادته معنى الفرس في المثال المذكور.
(٢) أي احترز بقوله :
اللّغوي عن العقليّ وبقوله : الرّاجع إلى معنى الكلمة عن المجاز اللّغوي الرّاجع إلى حكم الكلمة وإعرابها كما في قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ)(١) أي جاء أمر ربّك ، فالحكم الأصلي هو جرّ ربّك ، وأمّا الرّفع فمجاز.
واحترز بقوله : المتضمّن للفائدة عن المجاز اللّغوي الرّاجع إلى معنى الكلمة الغير المتضمّن للفائدة نحو قولك : قطعت مرسنه أي أنفه فإنّ المرسن موضوع للأنف المقيّد فإطلاقه على الأنف المطلق مجاز من قبيل الإطلاق المقيّد على المطلق خال عن الفائدة.
(٣) أي إلى مطلق الاستعارة أعمّ من التّصريحيّة والمكنيّة.
(٤) أي كالأسد في الرّجل الشّجاع حيث يكون استعماله فيه استعارة.
__________________
(١) سورة الفجر : ٢٢.