كما في قولك : أراك تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى (١).
[منها] أي من التّحقيقيّة مع القطع (٢) ، قال (٣) ومن الأمثلة استعارة وصف إحدى صورتين منتزعتين من أمور لوصف صورة أخرى [وردّ] ذلك (٤) [بأنّه] أي التّمثيل
________________________________________________________
(١) أي قد تقدّم بيان ذلك سابقا فراجع.
(٢) أي من التّحقيقيّة مع القطع دون التّحقيقيّة ، مع الاحتمال أي لا المحتملة للتّحقيق والتّخييل.
(٣) أي قال السّكّاكي :
«ومن الأمثلة» ، أي من أمثلة التّحقيقيّة «استعارة وصف إحدى صورتين منتزعتين من أمور لوصف صورة أخرى» أي المراد بالوصف الأوّل اللّفظ الدالّ على صورة المشبّهة بها ، فإنّ المستعار إنّما هو اللّفظ أبدا ، وإنّما عبّر عنه بالوصف ، لأنّ اللّفظ بمنزلة الوصف للمعنى ، والمراد بالوصف الثّاني معنى البيان ، أي بيان صورة المعنى ، فكأنّه قال استعارة اللّفظ الأوّل لبيان الصّورة الأخرى ، فالبيان هو المستعار له.
وحاصله كما تقدّم سابقا أن يشبّه إحدى الصّورتين المنتزعتين من متعدّد بالأخرى ، ثمّ يدّعى أنّ الصّورة المشبّهة من جنس الصّورة المشبّهة بها ، فيطلق على الصّورة المشبّهة اللّفظ الدالّ بالمطابقة على الصّورة المشبّهة بها ، كما فعل الوليد بن يزيد فإنّه شبّه صورة تردّد مروان في البيعة بصورة تردّد من قام ليذهب في أمر ؛ فتارة يريد الذّهاب فيقدّم رجلا ، وأخرى لا يريد الذّهاب فيؤخّر تلك الرّجل تارة أخرى ، فاستعار اللّفظ الدالّ على الصّورة المشبّهة بها لبيان الصّورة المشبّهة أعني التّردّد في البيعة كما في (المدرّس الأفضل).
(٤) أي عدّ التّمثيل من الاستعارة التّحقيقيّة الّتي هي قسم من المجاز المفرد.
وحاصل الرّد :
أنّ التّمثيل مستلزم للتّركيب ، لأنّه كما تقدّم أن ينقل اللّفظ المركّب من حالة تركيبيّة وضع لها إلى حالة أخرى ، ثمّ التّركيب مناف للأفراد الّذي هو لازم للاستعارة التّحقيقيّة ، وذلك لأنّ الاستعارة من أقسام المجاز المفرد فهي مستلزمة للأفراد إذ هو وصف غير مفارق لها ، كما أنّ التّركيب وصف لازم للتّمثيل لا يفارقه ، فالاستعارة لا يجتمع مع التّمثيل.