ولا تقول : في شبهة كالظّلمة (١) [و] ـ الاستعارة [المكنى عنها كالتّحقيقيّة] في أنّ حسنها برعاية جهات حسن التّشبيه (٢) ، لأنّها تشبيه مضمرة (٣). [و] الاستعارة [التّخييليّة حسنها بحسب حسن المكنّى عنها] لأنّها لا تكون إلّا تابعة للمكنّى عنها ، وليس لها (٤) في نفسها تشبيه بل هي حقيقة فحسنها تابع لحسن متبوعها.
[فصل]
في بيان معنى آخر (٥) يطلق عليه لفظ المجاز على سبيل الاشتراك (٦)
________________________________________________________
(١) أي «لا تقول في شبهة كالظّلمة» متشبّها للشّبهة بالظّلمة لقوّة وجه الشّبه في الشّبهة ، وهو عدم الاهتداء والتّحيّر كما في الظّلمة ، فيصير ذلك التّشبيه كتشبيه الشّيء بنفسه.
(٢) أي ترك ذكر قوله : «أن لا تشمّ رائحة التّشبيه لفظا» ، لأنّ المرجوّ من المشبّه به يدلّ على التّشبيه لأنّ من لوازم الاستعارة بالكناية ذكر ما هو من خواصّ المشبّه به ، وذلك يدلّ على التّشبيه.
(٣) أي لأنّ المكنّى عنها تشبيه مضمر هذا على مذهب المصنّف كما مرّ ، لا على مذهب القوم من أنّها لفظ المشبّه به المضمر في النّفس المرموز إليه بذكر لوازمه ، قوله : «والتّخييليّة حسنها بحسب حسن المكنّى عنها» أي بمعنى أنّ حسنها متوقّف على حسن المكنّى عنها.
(٤) أي وليس للتّخيليّة في نفسها تشبيه حتّى يراعي فيها جهات التّشبيه ، أو لا تشمّ رائحته ، بل إنّها عند المصنّف حقيقة مستعملة فيما وضعت له ، وإنّما جيء بها لتكون قرينة على التّشبيه المضمر في النّفس الّذي يسمّى عند المصنّف بالاستعارة بالكناية ، فإن حسنت الاستعارة بالكناية حسنت التّخييليّة من حيث كونها قرينة لها ، وإلّا فلا حسن لها في نفسها.
(٥) أي وهو الكلمة الّتي تغيّر إعرابها الأصلي كقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ)(١) حيث كان الأصل : وجاء أمر ربّك ، فالحكم الأصلي في الكلام لقوله : (ربك) هو الجرّ ، وأمّا الرّفع فمجاز.
(٦) أي الاشتراك اللّفظي ، بأن يقال : إنّ لفظ مجاز وضع بوضعين : أحدهما للكلمة المستعملة في غير ما وضعت له لعلاقة وقرينة ، والثّاني للكلمة الّتي تغيّر حكم إعرابها الأصلي ، فيكون إطلاق المجاز عليها حقيقة على هذا الاحتمال.
__________________
(١) سورة الفجر : ٢٢.