[وليس مثله شيء] لأنّ (١) المقصود نفي أن يكون شيء مثل الله تعالى ، لا نفي أن يكون شيء مثل مثله (٢) ، فالحكم الأصلي لربّك والقرية هو الجرّ ، وقد تغيّر في الأوّل إلى الرّفع ، وفي الثّاني إلى النّصب بسبب حذف المضاف ، والحكم الأصلي في مثله هو النّصب ، لأنّه (٣) خبر ليس ، وقد تغيّر إلى الجرّ بسبب زيادة الكاف (٤) ، فكما وصفت الكلمة بالمجاز (٥) باعتبار نقلها عن معناها الأصلي ، كذلك وصفت به باعتبار نقلها عن إعرابها الأصلي ، وظاهر عبارة المفتاح أنّ الموصوف بهذا النّوع من المجاز هو نفس الإعراب (٦) ، وما ذكره ـ المصنّف (٧) أقرب.
والقول بزيادة الكاف ـ في نحو قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أخذ بالظّاهر.
________________________________________________________
(١) أي قوله : «لأنّ المقصود ...» علّة المحذوف ، أي ـ وإنّما حمل على زيادة الكاف ، لأنّ المقصود نفي أن يكون شيء مثل الله تعالى ....
(٢) أي لا مثل له تعالى حتّى ينفى مثل ذلك المثل.
(٣) أي لأنّ لفظ مثله ، في قوله : «ليس مثله شيء» خبر ليس ، وشيء اسمها.
(٤) أي لأنّ الكاف في قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، أمّا حرف جرّ ، أو اسم بمعنى مثل مضاف إلى ما بعده ، وكلاهما يقتضي الجرّ.
(٥) أي هذا الكلام صريح في أنّ المسمّى بالمجاز هو كلمة (ربك) ، ولفظ (القرية) ولفظ المثل ، وليس المسمّى بالمجاز هو الإعراب المتغيّر ، والأوّل ما قاله المصنّف ، والثّاني ظاهر عبارة المفتاح.
(٦) أي المستعمل في غير محلّه الأصلي ، فالنّصب في (القرية) يوصف عنده بأنّه مجاز لأنّه تجوز فيه بنقله لغير محلّه ، لأنّ القرية بسبب التّقدير محلّ للجرّ ، وقد أوقع فيها النّصب.
(٧) أي من أنّ الموصوف بكونه مجازا في هذا النّوع ، هو الكلمة الّتي تغيّر إعرابها أقرب ممّا ذكره السّكّاكي من أنّ الموصوف بكونه مجازا في هذا النّوع ، هو الاعراب ـ المستعمل في غير محلّه.
وذلك لوجهين أحدهما : أنّ لفظ المجاز مدلوله في الموضعين هو الكلمة بخلاف إطلاقه على الإعراب فإنّه يقتضي تخالف مدلوليه في الموضعين هنا وما تقدّم ، لأنّ مدلوله في أحد الموضعين الكلمة ومدلوله في الموضع الآخر كيفيّة الكلمة ، وهو الاعراب.