ويحتمل أن لا تكون (١) زائدة بل تكون نفيا للمثل بطريق الكناية الّتي هي أبلغ ، لأنّ الله تعالى وجود ، فإذا نفى مثل مثله (٢) لزم نفى مثله ، ضرورة أنّه لو كان له مثل لكان هو أعني الله تعالى مثل مثله ، فلم يصحّ نفي مثل مثله ، كما تقول (٣) : ليس لأخي زيد أخ ، أي ليس لزيد أخ نفيا للملزوم بنفي لازمه ، والله أعلم.
________________________________________________________
والثّاني : إنّ إطلاق المجاز على الإعراب لكونه قد وقع ـ في غير محلّه الأصلي إنّما يظهر في الحذف ، لأنّ المقدّر كالمذكور في الإعراب ، فانتقل إعراب ـ المقدّر للمذكور.
وأمّا ـ الزّيادة فلا يظهر ـ فيها كون الإعراب واقعا في ـ غير محلّه ، لأنّه ـ ليس هناك لفظ مقدّر كالمذكور.
وبعبارة أخرى : إنّ ما ذكره السّكّاكي إنّما يصحّ في المجاز بالحذف لانتقال إعراب المحذوف فيه للمذكور ، أمّا المجاز بالزّيادة فلا انتقال فيه.
(١) أي الكاف في قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ) زائدة بل تكون الكاف نفيا للمثل بطريق الكناية ، وهي أبلغ من الحقيقة الّتي هي مقتضى زيادتها ، ووجه الأبلغيّة أنّه يشبّه دعوى الشّيء بالبيّنة ، فكأنّه ادّعى نفي المثل بدليل صحّة نفي مثل المثل.
وتوضيح ذلك : أن تقول : إنّ الشّيء إذا كان موجودا متحقّقا فمتى وجد له مثل لزم أن يكون ذلك الشّيء الموجود المتحقّق مثلا لذلك المثل ، لأنّ المثليّة أمر نسبيّ بينهما ، فإذا نفى هذا اللّازم ، وقيل : لا مثل لمثل ذلك المتحقّق لزم نفي الملزوم ، وهو مثل ذلك المتحقّق ، لأنّه يلزم من نفي اللّازم نفي الملزوم ، وإلّا لكان الملزوم موجودا بلا لازم وهو باطل ، فالله تبارك وتعالى متحقّق موجود ، فلو كان له مثل كان الله مثلا لذلك المثل المفروض ، فإذا نفي مثل ذلك المثل الّذي هو لازم كان مقتضيا لنفي الملزوم وهو وجود المثل.
(٢) أي الّذي هو اللّازم «لزم نفي مثله» أي لزم نفي مثل المثل ، ولازم ذلك نفي المثل ، وهو المطلوب.
(٣) أي كما تقول في شأن زيد الّذي لا أخ له قصدا لإفادة نفي أخ له ، ليس لأخي زيد أخ على سبيل الكناية.
توضيح الكناية أنّه إذا فرض أنّ لزيد ـ الموجود أخا لزم أن يكون زيد أخا لذلك ـ الأخ المفروض وجوده ، فلمّا استلزم وجود الأخ وجود الأخ لذلك الأخ ، وهو زيد لم يصحّ نفي