متعاقبتان (١) على معنى واحد ، وهو نفي المماثلة عن عن ذاته ، مع أنّه لا فرق بينهما (٢) ـ إلا ما تعطيه (٣) ـ الكناية ـ من المبالغة ، ولا يخفى ههنا (٤) امتناع إرادة ـ الحقيقة وهو نفي المماثلة ـ عمن هو مماثل له وعلى أخصّ أوصافه.
[وفرق (٥)] بين الكناية والمجاز [بأنّ الانتقال فيها أي من الكناية [من اللّازم] إلى الملزوم ، كالانتقال من طول النّجاد إلى طول القامة (٦) ، [وفيه] أي في المجاز الانتقال
________________________________________________________
(١) أي واردتان على معنى واحد على وجه المعاقبة والبدليّة ، فنفي المماثلة عن ذاته تعالى تارة يؤدّي بالعبارة الأولى على وجه الصّراحة ، وأخرى يؤدّي بالعبارة الثّانيّة على وجه الكناية ، وذلك لأنّ مؤدّاها بالمطابقة نفي أن يكون شيء مماثلا لمثله ، ويلزم من نفي كون الشّيء مماثلا نفي كونه مماثلا له تعالى ، إذ لو كان ثمّ مماثل له تعالى ، كان الله مماثلا لمثله ، ضرورة أنّ ما يثبت لأحد المثلين فهو ثابت للآخر ، وإلّا افترقت لوازم المثلين ، فثبت أنّ مفاد العبارتين واحد.
(٢) أي بين العبارتين.
(٣) أي الفرق بينهما أنّ ما تعطيه الكناية ، أي العبارة الثّانية من المبالغة ، أي الكناية تفيد المبالغة لإفادتها المعنى بطريق اللزّوم الّذي هو كادّعاء الشّيء ببيّنة ، ولمّا كانت الكناية أبلغ من الحقيقة كان قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أوكد في نفي المثل من (ليس كالله شيء).
(٤) أي في الآية ، أعني ليس كمثله شيء امتناع إرادة الحقيقة ، لاستحالة ثبوت مماثل له تعالى ، وإرادة الحقيقة في ذلك تقتضي إثباته له.
(٥) أي قوله :
«فرق» بالبناء للمفعول وهو الاقرب ، وذلك لعدم تقدّم الفاعل فيما مرّ ، ويحتمل أن يكون مبنيّا للفاعل ، والفاعل ضمير عائد على السّكّاكي للعلم به ، فإنّ الكلام في المباحثة غالبا معه ، وذكر المصنّف هذا الفرق ثمّ اعترض عليه بقوله : «وردّ» ، والفرق المرضي عند المصنّف أنّ الكناية فيها جواز إرادة المعنى الحقيقي دون المجاز.
(٦) أي فطول القامة ملزوم لطول النّجاد ، وطول النّجاد لازم لطول القامة ، وكذلك النّبت لازم للمطر بحسب العادة ، والمطر ملزوم له ، وكذلك الشّجاعة لازمة للأسد ، والأسد ملزوم لها.