[من الملزوم] إلى اللّازم ، كالانتقال من الغيث إلى النّبت ، ومن الأسد إلى الشّجاعة [وردّ] هذا الفرق [بأنّ اللّازم ما لم (١) يكن ملزوما] بنفسه ، أو بانضمام قرينة إليه ، [لم ينتقل منه] إلى الملزوم ، لأنّ اللّازم من حيث إنّه (٢) يجوز أن يكون أعمّ (٣) ، ولا دلالة للعامّ على الخاصّ (٤).
[وحينئذ] أي وحين إذ كان اللّازم ملزوما (٥) [يكون الانتقال من الملزوم] إلى اللّازم كما في المجاز ، فلا يتحقّق الفرق (٦) والسّكّاكي أيضا معترف بأنّ اللّازم ما لم يكن ملزوما امتنع الانتقال منه (٧).
________________________________________________________
(١) أي ما مصدريّة ظرفيّة ، أي مدّة كونه غير ملزوم بأن بقي على لازميّته ، ولم يكن ملزوما لملزومه لكونه أعمّ من ملزومه.
(٢) أي من حيث إنّه يلزم من وجود غيره وجوده.
(٣) أي أعمّ من ملزومه كالحيوان بالنّسبة للإنسان ، فلا يخلو الإنسان من الحيوان ، وقد يخلو الحيوان من الإنسان ، وإذا صحّ أن يكون اللّازم أعمّ فلا ينتقل منه إلى الملزوم ، إذ لا دلالة للأعمّ على الأخصّ حتّى ينتقل منه إليه.
(٤) أي كالحرارة مثلا لا تدلّ على النّار.
(٥) أي الأولى أن يقول : أي وحين إذ كان لا ينتقل من اللّازم مادام لم يكن ملزوما.
(٦) أي فلا يحصل الفرق بين المجاز والكناية ، لأنّ الانتقال في كلّ منهما من الملزوم إلى اللّازم ، لأنّ الانتقال من اللّازم إلى الملزوم لا يحصل إلّا إذا كان اللّازم المنتقل منه ملزوما ، فينتقل منه من حيث إنّه ملزوم لا من حيث إنّه لازم.
(٧) أي فإنّ السّكّاكي قال : مبنى الكناية على الانتقال من اللّازم إلى الملزوم ، وهذا يتوقّف على مساواة اللّازم للملزوم ، وهي إنّما تتحقّق إذا كان اللّازم ملزوما ، وحينئذ يتحقّق التّلازم بين اللّازم والملزوم ، فيصير الانتقال من اللّازم إلى الملزوم بمنزلة الانتقال من الملزوم إلى اللّازم كما في المجاز ، فلم يحصل فرق بين الكناية والمجاز بما ادّعاه من أنّ الانتقال في الكناية من اللّازم إلى الملزوم ، وفي ـ المجاز من الملزوم إلى اللّازم ، إذ ثبت أنّ اللّازم لا ينتقل منه إلّا إذا كان ملزوما ، فاتّحد الكناية والمجاز في المنتقل عنه والمنتقل إليه فأين الفرق؟