فإن قلت (١) : ههنا قسم رابع ، وهو أن يكون المطلوب بها صفة ونسبة معا ، كقولنا : كثر الرّماد في ساحة زيد (٢). قلت (٣) : ليس هذا كناية واحدة ، بل كنايتان : إحداهما : المطلوب بها نفس الصّفة ، وهي كثرة الرّماد كناية عن المضيافيّة. والثّانية : المطلوب بها نسبة المضيافيّة إلى زيد ، وهو جعلها في ساحته ليفيد إثباتها له. [والموصوف في هذين القسمين] يعني الثّاني والثّالث [قد يكون] مذكورا كما مرّ (٤) ، وقد يكون (٥) [غير مذكور كما يقال في عرض من يؤذي المسلمين : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده] ، فإنّه كناية ـ عن نفي صفة الإسلام عن المؤذي ، وهو غير مذكور في الكلام.
________________________________________________________
للموصوف ، لأنّه لم يصرّح بثبوت المجد والكرم للمدوح بحيث يقال : ثبت الكرم والمجد له أو هما مختصّان به ، بل كنّى عن ذلك بكونهما بين برديه وبين ثوبيه.
(١) أي هذا وارد على قول المصنّف سابقا ، حيث قال : وهي ثلاثة أقسام ، فيقال : إنّ ههنا ، أي في الكناية قسم رابع.
(٢) أي السّاحة هي الفسيحة الّتي بين بيوت الدّار وقدّام بابها ، فهذا المثال كناية عن المضافيّة وعن إثباتها لزيد ، إمّا الإثبات فلأنّا لم نثبت كثرة الرّماد لزيد ، ولا لما أضيف إليه كما في طويل نجاده حتّى تكون النّسبة معلومة ، وإنّما أثبتناها في ساحته لينتقل من ذلك إلى ثبوتها له ، وإمّا المضافيّة فلأنّا لم نصرّح بها حتّى يكون المطلوب نفس النّسبة ، بل كنّينا عنها بكثرة الرّماد.
(٣) أي وحاصل الجواب : إنّه ليس هذا كناية واحدة كي تكون قسما رابعا ، بل كنايتان أحدهما في النّسبة ، والأخرى في الصّفة ، فتكون الكناية على ثلاثة أقسام ، كما تقدّم ذكرها في كلام المصنّف.
(٤) أي مر مثالهما في قولنا زيد طويل نجاده فإنّ الموصوف بالصّفة المطلوبة وهو زيد مذكور وفي قوله : «أنّ السّماحة والمروءة .. فإنّ الموصوف بنسبة السّماحة والمروءة والنّدى وهو ابن الحشرج مذكور.
(٥) أي وقد يكون الموصوف فيهما غير مذكور لا لفظا ولا تقديرا ، لأنّ المقدّر في التّركيب حيث كان يقتضي كالمذكور ، وإنّما قال في هذين القسمين للاحتراز عن الموصوف في القسم الأوّل من أقسام الكناية ، فإنّه لا يتصوّر إلّا كونه غير مذكور ، لأنّه نفس المطلوب بالكناية