فهو كدعوى الشّيء ببيّنة (١)] ، فإنّ وجود الملزوم يقتضي وجود اللّازم ، لامتناع انفكاك الملزوم عن لازمه.
[و] أطبقوا أيضا على [أنّ الاستعارة أبلغ من التّشبيه ، لأنّها (٢) نوع من المجاز] وقد علم أنّ المجاز أبلغ من الحقيقة (٣) ، وليس (٤) معنى كون المجاز والكناية أبلغ أنّ شيئا منها يوجب أن يحصل في الواقع زيادة في المعنى لا توجد في الحقيقة والتّصريح ، بل المراد أنّه (٥) بدل يفيد زيادة تأكيد للإثبات.
________________________________________________________
الانتقال منه فصحّ أن يقال : إنّ الانتقال فيها أيضا من الملزوم ، فالمراد بالملزوم بالنّسبة لها الملزوم في الذّهن ، وإن كان لازما في الخارج.
(١) أي برهان ، أي وإذا كان الانتقال فيهما من الملزوم إلى اللّازم ، فذلك اللّازم المنتقل إليه من الملزوم كالشّيء المدّعى ثبوته المصاحب للبيّنة ، أي الدّليل ، هذا بخلاف الحقيقة والتّصريح فإنّ كلا منهما دعوى مجرّدة عن الدّليل والبرهان.
(٢) أي الاستعارة نوع من المجاز ، وقد تقدّم أنّ المجاز أبلغ من الحقيقة.
(٣) والتّشبيه حقيقة ، ومن البديهي أنّ ما كان من نوع الأبلغ ، يلزم أن يكون أبلغ ممّا يكون من نوع غير الأبلغ.
(٤) أي كان المناسب الفاء ، أي فليس ، لأنّ هذا مفرّع على ما ذكره المصنّف من أنّ المجاز والكناية كدعوى الشّيء ببيّنة بخلاف الحقيقة والتّصريح ، فإنّهما كدعوى الشّيء من غير بيّنة.
وحاصله إنّ السّبب في كون المجاز والكناية والاستعارة أبلغ من الحقيقة والتّصريح والتّشبيه ، إنّ كلّ واحد من تلك الثّلاثة الأولى يفيد تأكيد الإثبات ، وهذا لا يفيده خلافها ، وليس السّبب في كون كلّ واحد من الثّلاثة الأولى أبلغ من خلافه أنّه يفيد زيادة في نفس المعنى المراد ، كالكرم والشّجاعة مثلا لا يفيدها خلافه ، أي خلاف كلّ واحد من ـ هذه الأمور الثّلاثة ، أعني الحقيقة والتّصريح والتّشبيه.
(٥) أي كلّ واحد من هذه الأمور الثّلاثة ، أعني المجاز والاستعارة والكناية يفيد زيادة تأكيد للإثبات ، والمراد من التّأكيد ما تقدّم من أنّ الانتقال في كلّ منها من ملزوم ـ إلى لازم ، فيكون كدعوى الشّيء ببيّنة وبرهان.