[و] الثّاني (١) الجمع بين معنيين ـ غير متقابلين عبّر عنهما بلفظين يتقابل معناهما الحقيقي ، [نحو قوله : لا تعجبي يا سلم (٢) من رجل] يعني نفسه [ضحك المشيب برأسه] أي ـ ظهر ظهورا تامّا [فبكى] ذلك الرّجل ، فظهور الشّيب لا يقابل البكاء إلّا أنّه قد عبّر عنه بالضّحك الّذي معناه الحقيقي مقابل ـ للبكاء.
[ويسمّى الثّاني إيهام التّضاد] لأنّ المعنيين قد ذكرا بلفظين يوهمان التّضادّ نظرا إلى الظّاهر.
[ودخل فيه] أي في الطّباق بالتّفسير الّذي سبق (٣) [ما يختصّ باسم المقابلة] وإن جعله السّكّاكي وغيره قسما برأسه من المحسّنات المعنويّة ، [وهي أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر ، ثمّ] يؤتى بما يقابل ـ ذلك المذكور من المعنيين المتوافقين أو المعاني المتوافقة [على التّرتيب (٤)] فيدخل في الطّباق ،
________________________________________________________
(١) أي القسم الثّاني ممّا يلحق به بالطّباق «الجمع بين معنيين غير متقابلين» ، ولا يتعلّق أحدهما بما يقابل الآخر ، وبهذا فارق ما قبله أعني القسم الأوّل من الملحق.
(٢) ترخيم سلمى ، من رجل يعني نفسه ، عبّر عن نفسه باسم الظّاهر ، أعني الرّجل لأجل أن يتمكّن من الوصف بالجملة ، أعني قوله : ـ «ضحك المشيب برأسه» ، المشيب والشّيب عبارة عن بياض الشّعر ، أي ظهر ظهورا تامّا فبكى ذلك الرّجل بسبب قرب الموت أو بسبب تأسّف مضيّ الشّباب من دون إياب.
وكيف كان فقد عبّر عن ظهور المشيب على سبيل المجاز بالضّحك الّذي يكون معناه الحقيقي مضادّا لمعنى البكاء ، ويسمّى هذا القسم الثّاني إيهام التّضادّ ، لأنّ المعنيين المذكورين في هذا القسم يعني البكاء وظهور المشيب ، وإن لم يكونا متقابلين حتّى يكون التّضادّ حقيقيّا ، لكنّهما قد ذكرا بلفظين يعني لفظ البكاء ولفظ الضّحك ، «يوهمان التّضادّ نظرا إلى الظّاهر» ، هذا بخلاف القسم فإنّه ليس له اسم خاصّ ، بل هو عامّ وهو ملحق بالطّباق.
(٣) وهو الجمع بين أمرين متقابلين ، ولو في الجملة أو أمور كذلك.
(٤) أي بأن يكون ما يؤتى به ثانيا على ترتيب ما أتي به أوّلا بجيث يكون الأوّل للأوّل والثّاني للثّاني وهكذا ، فهو نظير ما يأتي من اللّفّ والنّشر.